يا عاذلاتي لا تردن ملامتي... إنّ العواذل لسن لي بأمير
لم يقل: بأمراء. وقال المبرد: هو اسم يستعمل مصدرا، كالرضا، والعدل، فيقع على الواحد، وعلى الجمع. قال الله تعالى:{أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ} هذا؛ والطفل: ولد كل وحشية، والمطفل: ذات الطفل من الإنسان، والحيوان، والوحش، والجمع:
مطافل، ومطافيل، والآية من سورة (النور) رقم [٣١] انظر شرحها هناك.
{ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ:} منتهى الشباب، وشدته، وقوته، وهو ثلاث وثلاثون سنة على المعتمد. وقيل: الأشد ما بين ثمانية عشر عاما، إلى ثلاثين، وهو ما يفسر به في حق اليتيم في كثير من الآيات:{وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} الآية رقم [٣٤] من سورة (الإسراء). {ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً} أي: يبقيكم؛ لتصيروا شيوخا. هذا؛ والأشد عند سيبويه جمع، واحده شدّة. وقال الكسائي: واحده شدّ، وزعم أبو عبيد: أنه لا واحد له من لفظه عند العرب. وفي القاموس: وهو جمع لا واحد له، أو هو واحد جاء على بناء الجمع.
{وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفّى مِنْ قَبْلُ:} من قبل بلوغ الشيخوخة، أو بلوغ الأشد. {وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى} أي: الأجل المحتوم لانقضاء آجالكم، وأعماركم. {وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} أي: ولكي تعقلوا، وتفهموا دلائل قدرته تعالى، وتؤمنوا بأنه الواحد الأحد، الفرد الصمد، وانظر شرح:
{ثُمَّ} في الآية رقم [٦٧] من سورة (الصافات).
قال الإمام الفخر: رتب الله تعالى عمر الإنسان على ثلاث مراتب: الطفولة، وبلوغ الأشد، والشيخوخة، وهذا ترتيب مطابق للعقل، فإن الإنسان في أول عمره يكون في النماء، والنشوء، وهو المسمى بالطفولة، إلى أن يبلغ إلى كمال النشوء من غير أن يحصل له ضعف، وهذا بلوغ الأشد، ثم يبدأ بالتراجع، ويبدأ فيه الضعف والنقص، وهذه مرتبة الشيخوخة. هذا؛ وخذ قوله تعالى في سورة (يس) رقم [٦٨]: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ،} وقوله تعالى في سورة (الروم) رقم [٥٤]: {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً}. انظر شرح الآيتين في محالهما. هذا؛ وانظر شرح «الشيخ» في الآية رقم [٢٣] من سورة (القصص).
الإعراب:{هُوَ الَّذِي:} مبتدأ وخبر. {خَلَقَكُمْ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى:
{الَّذِي} وهو العائد، والكاف مفعول به، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {مِنْ تُرابٍ:} متعلقان بما قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر، تقديره: مبتدئا، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ،} معطوفان على ما قبلهما.
{يُخْرِجُكُمْ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى:{الَّذِي،} والكاف مفعول به. {طِفْلاً:} حال من الكاف، وهو مؤول بالجمع كما رأيت في الشرح، والجملة الفعلية معطوفة على جملة