[٢٩]: {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ..}. إلخ {فِي أَيّامٍ نَحِساتٍ:} مشؤومات من النحس بمعنى: الشؤم، وهو ضد السعد. قال الشاعر:[الطويل]
سواء عليه أيّ حين أتيته... أساعة نحس تتّقى أم بأسعد؟
وقيل: متتابعات، كقوله تعالى في سورة (القمر) الآية رقم [١٩]: {إِنّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} كنّ آخر شوال من يوم الأربعاء إلى يوم الأربعاء، وذلك قوله تعالى في سورة (الحاقة) الآية رقم [٧]: {سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: ما عذّب قوم إلا في يوم الأربعاء.
هذا؛ وفي يوم الأربعاء أرسل الله الرياح العاتية على جيش قريش يوم الأحزاب، وكان الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد دعا، وسأل الله من فضله في ذلك اليوم بقوله:«يا صريخ المكروبين! يا مجيب المضطرّين! اكشف همّي، وغمّي، وكربي، فإنّك ترى ما نزل بي، وبأصحابي!». وكان ذلك بين الظهر، والعصر، فاستجيب له صلّى الله عليه وسلّم. ومن ثمّ كان جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-يدعو في مهماته في ذلك اليوم، في ذلك الوقت، كان يتحرى ذلك اليوم. وأما الأحاديث التي جاءت بذم يوم الأربعاء، فمحمولة على آخر أربعاء في الشهر، فإن في ذلك اليوم ولد فرعون، وادعى الربوبية، وأهلكه الله فيه، وهو اليوم الذي أصيب فيه أيوب-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-. انتهى. زيني دحلان بتصرف، وانظر ما ذكرته في سورة (الأعراف) رقم [٧١].
هذا؛ وكان هلاكهم في أواخر فصل الشتاء، ولا تزال هذه الأيام إلى عصرنا هذا موسما للمطر، ويطلق عليها:«أيام العجوز» وانظر سورة (القمر) رقم [١٩].
{لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ:} الذل، والهوان، وهو مقابل لقوله تعالى:{فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}. {فِي الْحَياةِ الدُّنْيا} أي: إن ما نزل بهم من الخزي، والهوان كان في الحياة الدنيا. وانظر شرح {يُخْزِيهِ} في سورة (الزمر) رقم [٤٠]، وشرح {الْحَياةِ الدُّنْيا} برقم [٢٦] منها. {وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى..}. إلخ أي: ولعذابهم في الآخرة أعظم خزيا، وأشد إهانة من عذاب الدنيا؛ لأنه دائم مستمر، لا غاية له ينتهي عندها، بخلاف عذاب الدنيا؛ فإنه ينقطع، وليس لهم ناصر يدفع عنهم عذاب الآخرة، كما لم ينصروا في الدنيا.
هذا؛ وأضاف (العذاب) إلى {الْخِزْيِ} وهو الذي على قصد وصفه به؛ لقوله:{وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى} وهو في الأصل صفة المعذب، وإنما وصف به العذاب على الإسناد المجازي للمبالغة. هذا؛ وانظر شرح (الريح) في سورة (الروم) رقم [٤٦]، وانظر إذاقة العذاب في سورة (الصافات) رقم [٣٨].
الإعراب:{فَأَرْسَلْنا:} الفاء: حرف عطف. (أرسلنا): فعل، وفاعل. {عَلَيْهِمْ:} متعلقان بما قبلهما. {رِيحاً:} مفعول به. {صَرْصَراً:} صفة {رِيحاً}. {فِي أَيّامٍ:} متعلقان بالفعل