{تَكادُ} بالتاء، والياء، و {يَتَفَطَّرْنَ} بالنون من الانفطار، وهو التشقق، كقوله تعالى في سورة (الانفطار) الآية رقم [١]: {إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ،} وقال تعالى: {السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} سورة (المزمل) الآية رقم [١٨].
هذا؛ ومعنى:{مِنْ فَوْقِهِنَّ} أي: يبتدئ الانفطار من جهتهن الفوقانية، وكان القياس أن يقال: يتفطرن من تحتهن من الجهة التي جاءت منها كلمة الكفر؛ لأنّها جاءت من الذين تحت السموات، ولكنه بولغ في ذلك، فجعلت مؤثرة في جهة الفوق، كأنه قيل: يكدن ينفطرن من الجهة التي فوقهن؛ دع الجهة التي تحتهن. وقيل:{مِنْ فَوْقِهِنَّ} من فوق الأرض، فالكناية راجعة إلى الأرض؛ لأنّه بمعنى: الأرضين. وقيل: يتشققن لكثرة ما على السموات من الملائكة، قال عليه الصلاة والسّلام:«أطّت السماء أطّا، وحقّ لها أن تئطّ، ما فيها موضع قدم؛ إلاّ وعليه ملك قائم، أو راكع، أو ساجد». انتهى. نسفي. وقال الجمل نقلا عن السمين: في هذا الضمير ثلاثة أوجه: أحدها: أنّه عائد على السموات؛ أي: يبتدأ انفطارهن من هذه الجهة.
والثاني: أنّه عائد على الأرضين؛ لتقدم ذكر الأرض قبل ذلك. الثالث: أنّه عائد على فرق الكفار، والجماعات الملحدين. قاله الأخفش الصغير. انتهى.
{وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} أي: ينزهونه عمّا لا يليق بجلاله، ويذكرون الله بمجامع الثناء من صفات الجلال، والإكرام، وجعل التسبيح أصلا، والحمد حالا؛ لأنّ الحمد مقتضى حالهم دون التسبيح، والتحميد: هو الاعتراف بأنّه هو المنعم على الإطلاق.
{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} أي: من المؤمنين دون الكافرين بدليل قوله تعالى في سورة (غافر) رقم [٧]: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا..}. إلخ إذا فالآية هنا عموم يراد به الخصوص؛ لأنّ الكافر لا يستحق أن تستغفر له الملائكة. وقيل: يحتمل أن يكون لجميع من في الأرض، أما في حق الكافرين، فبواسطة طلب الإيمان لهم، ويحتمل أن يكون المراد من الاستغفار ألاّ يعاجلهم بالعقاب، وأمّا في حق المؤمنين؛ فبالتجاوز عن سيئاتهم. وقيل: استغفارهم لمن في الأرض هو سؤال الرزق لهم، فيدخل فيه المؤمن، والكافر. وقال مطرف بن عبد الله: وجدنا أنصح عباد الله لعباد الله الملائكة، ووجدنا أغش عباد الله لعباد الله الشياطين.
{أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ:} يعني: أنّه تعالى يعطي المغفرة؛ التي سألوها، ويضم إليها بمنّه، وكرمه الرحمة العامة الشاملة. وانظر شرح الملائكة في الآية رقم [٤٣] من سورة (الأحزاب).
الإعراب:{تَكادُ:} فعل مضارع ناقص يرفع الاسم، وينصب الخبر. {السَّماواتُ:} اسم {تَكادُ}. {يَتَفَطَّرْنَ:} فعل مضارع مبني على السكون، ونون النسوة فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب خبر:{تَكادُ،} والجملة الفعلية مستأنفة، لا محلّ لها. {مِنْ فَوْقِهِنَّ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جرّ بالإضافة، والنون حرف دال على جماعة الإناث. {وَالْمَلائِكَةُ:}