للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتحركها وانفتاح ما قبلها، وقد كثر حذف مفعوله، وحذف مفعول: «أراد» حتى لا يكاد ينطق به إلاّ في الشيء المستغرب، مثل قوله تعالى: {لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنّا} وقال الشاعر الخزيمي: [الطويل]

فلو شئت أن أبكي دما لبكيته... عليه ولكن ساحة الصّبر أوسع

وقيد بعضهم حذف مفعول هذين الفعلين بعد: «لو» وليس كذلك. أما {أُمَّةً} فهي بمعنى:

الجماعة، ولا واحد لها من لفظها، وتكون واحدا إذا كان ممن يقتدى به كقوله تعالى: {إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلّهِ} والأمة: الطريقة، والملة في الدين، كقوله تعالى حكاية عن قول المشركين:

{إِنّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ} الآية رقم [٢٢] من سورة (الزخرف) وبها فسرت الآية رقم [٩٢] من سورة (الأنبياء): {إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} وقال النابغة الذبياني من قصيدة يخاطب بها النعمان بن المنذر، ويعتذر له مما وشى به الواشون: [الطويل]

حلفت فلم أترك لنفسك ريبة... وهل يأثمن ذو أمّة وهو طائع؟

وكل جنس من الحيوان أمة، كقوله تعالى: {وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ} والأمة: الحين والوقت، كقوله تعالى: {وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} أي: بعد وقت، وحين.

هذا؛ والولي: من يتولى شؤون غيره. والنصير: المعين، والمساعد. والفرق بينهما: أنّ الولي قد يضعف عن النصرة، والمعاونة، والنصير قد يكون أجنبيا من المنصور، فبينهما عموم، وخصوص من وجه. هذا؛ والولي لله: العارف بالله تعالى على حسب ما يمكن، المواظب على الطاعات، المعرض عن الانهماك في اللذات، والشهوات. وفيه وجهان: أحدهما: أنّه فعيل بمعنى: مفعول، كقتيل بمعنى: مقتول، وجريح بمعنى: مجروح، فعلى هذا هو: من يتولى الله رعايته، وحفظه، فلا يكله إلى غيره، ونفسه لحظة، كما قال تعالى: {وَهُوَ يَتَوَلَّى الصّالِحِينَ}. والوجه الثاني: أنّه فعيل مبالغة من فاعل، كرحيم، وعليم، بمعنى: راحم، وعالم، فعلى هذا هو: من يتولى عبادة الله تعالى من غير أن يتخللها عصيان، أو فتور، وكلا المعنيين شرط في الولاية، فمن شرط الولي أن يكون محفوظا، كما أنّ من شرط النبي أن يكون معصوما، فكل من كان للشرع عليه اعتراض فليس بولي، بل هو مغرور مخادع. ذكره الإمام أبو القاسم القشيري، وغيره من أئمة الطريقة، رحمهم الله تعالى. انتهى. من شرح ألفاظ: «الزبد» للشيخ أحمد بن حجازي الفشني، -رحمه الله تعالى-هذا؛ وربنا يقول في الحديث القدسي: «من عادى لي وليا؛ فقد آذنته بالحرب».

الإعراب: {وَلَوْ:} الواو: حرف عطف. (لو): حرف لما كان سيقع لوقوع غيره. {شاءَ اللهُ:} ماض، وفاعله، ومفعوله محذوف، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنّها ابتدائية، والفاعل يعود إلى {اللهُ،} والهاء مفعوله الأول. {أُمَّةً:} مفعول به ثان. {واحِدَةً:} صفة: {أُمَّةً،}

<<  <  ج: ص:  >  >>