وأيّدك، ونصرك من أجلها، أو الاتباع لما أوتيته. وعلى هذا يجوز أن تكون اللام في موضع «إلى» لإفادة الصلة، والتعليل. انتهى. بيضاوي بتصرف.
{وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ:} لما بيّن الله أمر المختلفين في التوحيد، والنبوة، وأطنب في شرح الوعد، والوعيد؛ أمر رسوله صلّى الله عليه وسلّم بالاستقامة مثل ما أمر بها، بلا إفراط، ولا تفريط، وهي تشمل العقائد، والأعمال، والأخلاق، فإنّها في العقائد: اجتناب التشبيه، والتعطيل. وفي الأعمال:
الاحتراز عن الزيادة، والنقصان، والتغيير، والتبديل. وفي الأخلاق: التباعد عن طرفي الإفراط، والتفريط. وهذا في غاية العسر، ولذلك قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«شيّبتني سورة هود». لأنّ هذه الجملة مذكورة فيها برقم [١١٢]. وانظر (الاستقامة) في سورة (فصلت) رقم [٣٠].
{وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ:} الباطلة المختلفة، وما اختلقوه، وكذبوه، وافتروه من عبادة الأوثان.
وقل يا محمد:{آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ} أي: بجميع الكتب السماوية؛ التي أنزلها الله على رسله، لا كالكافرين الذين آمنوا ببعض، وكفروا ببعض، كما حكى الله عنهم قولهم في سورة (النساء) رقم [١٥٠]: {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (١٥٠) أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا}.
{وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ} أي: أمرني ربي بأن أعدل بينكم في الحكم؛ إذا تحاكمتم إليّ، وتخاصمتم في شيء من الأشياء، فأنا مأمور بأن أحكم بينكم في العدل في جميع الأحوال، والأعمال، والشؤون، ولا أحيف على أحد منكم بأكثر مما يستحق. {اللهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ:}
خالقنا، وخالقكم، ورازقنا، ورازقكم، ويتولى جميع أمورنا، وأموركم، فيجب أن نخصه بالعبادة، والطاعة، والإنابة. {لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ} أي: لنا جزاء أعمالنا، ولكم جزاء أعمالكم من خير، وشر، لا نستفيد من حسناتكم، ولا نتضرر من سيئاتكم. قال ابن كثير: هذا تبرؤ منهم؛ أي: نحن براء منكم، كقوله تعالى:{وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمّا تَعْمَلُونَ} رقم [٤١] من سورة (يونس) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، وقوله تعالى في سورة (الكافرون): {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}.
{لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ:} لا حجاج بمعنى: لا خصومة بيننا، وبينكم؛ إذا الحق ظهر، ولم يبق للمحاجة مجال، ولا للخلاف مبدأ سوى العناد. {اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا:} يوم القيامة، فيفصل بيننا، وينتقم لنا منكم، وهذه محاجزة ومتاركة بعد ظهور الحق، وقيام الحجة، والإلزام، قال الزمخشري-رحمه الله تعالى-: فإن قلت: كيف حوجزوا؟ وقد فعل بهم بعد ذلك ما فعل من القتل، وتخريب البيوت، وقطع النخيل، والإجلاء؟! قلت: المراد محاجزتهم في مواقف المقاولة، لا المقاتلة. انتهى. {وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ:} المرجع والماب، فيجازي كلا بعمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشرّ.