ما روضة من رياض الحزن معشبة... خضراء جاد عليها مسبل هطل
يضاحك الشمس منها كوكب شرق... مؤزّر بعميم النّبت مكتهل
يوما بأطيب منها نشر رائحة... ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل
انظر شرح هذه الأبيات، وإعرابها في كتابنا:«إعراب المعلقات العشر» تجد ما يسرّك، ويثلج صدرك. وقال القشيري: والروضة عند العرب: ما ينبت حول الغدير من البقول، ولم يكن عند العرب شيء أحسن منه. هذا؛ وجمع روضة: روض، ورياض، وروضات، كما هنا، وأصل رياض: رواض، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، مثل حوض، وحياض، وثوب، وثياب. ونحو ذلك.
{لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} أي: ما يشتهونه ثابت لهم عند ربهم. والعندية مجاز عن الكرامة التي أعدها الله لهم عنده في الآخرة. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٥] من سورة (الروم). {ذلِكَ:} الإشارة إلى ما أعده الله للمؤمنين. {هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} أي: لا يوصف، ولا تهتدي العقول إلى كنه صفته؛ لأنّ العلي القدير إذا قال:(كبير) فمن ذا الذي يقدر قدره؟!
هذا؛ و {تَرَى} ماضيه: رأى، وقياس المضارع: ترأي، وقد تركت العرب الهمز في مضارعه لكثرته في كلامهم، وربما احتاجت إلى همزه، فهمزته، كما في قول سراقة بن مرداس البارقي، وهو الشاهد رقم [٥٠٤] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الوافر]
أري عينيّ ما لم ترأياه... كلانا عالم بالتّرّهات
وربما جاء ماضيه بغير همز، وبه قرأ نافع في:{أَرَأَيْتَكُمْ} و {إِذا رَأَيْتَ} «(أرايتكم)» «(أرايت)» بدون همز وقال الشاعر: [الخفيف]
صاح هل ريت أو سمعت براع... ردّ في الضرع ما قرى في الحلاب؟
وإذا أمرت منه على الأصل قلت: ارء. وعلى الحذف ره بهاء السكت، وقل في إعلال ترى: أصله ترأي قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وحذفت الهمزة بعد إلقاء حركتها على الراء للتخفيف.
الإعراب:{تَرَى:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والفاعل مستتر، تقديره:«أنت». {الظّالِمِينَ:} مفعول به. {مُشْفِقِينَ:} حال من: {الظّالِمِينَ} منصوب مثله، وعلامة النصب الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنّهما جمعا مذكر سالمان، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {مِمّا:} جار ومجرور متعلقان ب: {مُشْفِقِينَ،} و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر ب:(من) والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: مشفقين من