المخلد، وخسروا أهليهم؛ لأنّ الأهل إن كانوا في النار، فلا انتفاع بهم، وإن كانوا في الجنة فقد حيل بينهم، وبينهم.
هذا؛ وقد قيل في تفسير الخسران: أنّه جعل لكل واحد من بني آدم منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا كان يوم القيامة جعل الله للمؤمنين منازل الكفار التي في الجنة، وجعل للكفار منازل المؤمنين التي في النار، فذلك هو الخسران، وأي: خسران أعظم من هذا الخسران؟! وفي سنن ابن ماجه عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما منكم من أحد إلاّ له منزلان: منزل في الجنة ومنزل في النار، فإذا مات، فدخل النار، ورث أهل الجنة منزله»، فذلك قوله تعالى: {أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ}.
{أَلا إِنَّ الظّالِمِينَ:} الذين ظلموا أنفسهم بالكفر، وارتكاب المعاصي. {فِي عَذابٍ مُقِيمٍ:}
دائم لا ينقطع، وأصله: مؤقوم؛ لأنّه من أقام، وهو أجوف واوي، فقل في إعلاله: اجتمع معنا حرف صحيح ساكن، وحرف علة متحرك، والحرف الصحيح أولى بالحركة من حرف العلة، فنقلت حركة الواو إلى القاف قبلها بعد سلب سكونها، ثم قلبت الواو ياء لمناسبة الكسرة، فصار مقيم وقد حذفت الهمزة منه حملا على المضارع المبدوء بالهمزة: أؤقوم، وقد ذكرت ذلك مرارا.
وأما الطرف؛ فهو تحريك جفن العين إذا نظرت. فوضع موضع النظر، ولما كان الناظر موصوفا بإرسال الطرف في نحو قول الشاعر: [الطويل]
وكنت إذا أرسلت طرفك رائدا... لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الّذي لا كلّه أنت قادر... عليه ولا عن بعضه أنت صابر
وقد وصف آصف سليمان بردّ الطّرف، ووصف الطرف بالارتداد. بقوله: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} في الآية رقم [٤٠] من سورة (النمل) وقد يراد بالطرف: الجفن خاصة، كما في قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي: [الطويل] أشارت بطرف العين خيفة أهلها... إشارة محزون، ولم تتكلّم
فأيقنت أنّ الطّرف قد قال مرحبا... وأهلا وسهلا بالحبيب المتيّم
هذا؛ وفي المختار: الطرف: العين، ولا يجمع؛ لأنّه في الأصل مصدر، فيكون واحدا جمعا، قال تعالى: {لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ} وانظر سورة (ص) رقم [٥٢] تجد ما يسرّك.
الإعراب: {وَتَراهُمْ:} الواو: حرف عطف. (تراهم): فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف، والفاعل ضمير مستتر تقديره: «أنت»، والهاء مفعول به. {يُعْرَضُونَ:}
فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو نائب فاعله. {عَلَيْها:}
جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل نصب حال من الضمير