للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الملأ): الأشراف، والسادة، والعظماء، ولا يقال لغيرهم؛ لأنّهم يملؤون العيون بكبريائهم، وعظمتهم، وزينتهم، وما يحاطون به من هيبة، وعظمة، وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه. مثل: معشر، ورهط، ونحوهما. هذا؛ و {الْعالَمِينَ} جمع: عالم بفتح اللام، وجمع لاختلاف أنواعه، وهو جواب عما يقال: إنه اسم جنس يصدق على كل ما سوى الله، والجمع لا بدّ أن يكون له أفراد ثلاثة فأكثر. وجمع بالياء والنون تغليبا للعقلاء على غيرهم، وهو يقال لكل ما سوى الله، ويدلّ له قوله موسى-على نبينا، وعليه أفضل الصلاة، وأتم التسليم-لما قال له فرعون: {وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٣) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} (الشعراء) هذا؛ والعوالم كثيرة لا تحصيها الأرقام، وهي منتشرة في هذا الكون المترامي الأطراف في البر والبحر؛ إذ كل جنس من المخلوقات، يقال له: عالم، قال تعالى: {وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ}.

الإعراب: {وَلَقَدْ:} الواو: حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف، تقديره: والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. هذا؛ وبعضهم يعتبر الواو عاطفة، وبعضهم يعتبرها حرف استئناف، ويعتبرون الجملة الآتية جوابا لقسم محذوف. ولا أسلمه أبدا؛ لأنّه على هذا يكون قد حذف واو القسم، والمقسم به، ويصير التقدير: وو الله أقسم، أو أقسم والله.

واللام واقعة في جواب القسم المحذوف، وبعضهم يقول: اللام موطئة للقسم، والموطئة معناها المؤذنة، وهذه اللام إنّما تدخل على «إن» الشرطية، لتدل على القسم المتقدم على الشرط، وتكون الجملة الآتية جوابا للقسم المدلول عليه باللام، والمتقدم على الشرط حكما، كما في قوله تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ} الآية رقم [١٢] من سورة الحشر. افهم هذا؛ واحفظه فإنه جيد، إن شاء الله تعالى.

فإن قيل: ما ذكرته من إعراب يؤدي إلى حذف المقسم به، وبقاء حرف القسم! فالجواب:

أنّه قد حذف المقسم به حذفا مطردا في أوائل السور، مثل قوله تعالى: {وَالضُّحى،} {وَالسَّماءِ وَالطّارِقِ} فإن التقدير: وربّ الضحى، وربّ السماء... إلخ، الدليل على ذلك التصريح به في قوله تعالى: {فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ،} الآية رقم [٢٣] من سورة (الذاريات) وحذف المقسم به ظاهر في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها..}. إلخ الآية رقم [٧١] من سورة (مريم) وأظهر منه في قوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} الآية رقم [٧٣] من سورة (المائدة)، فالواو في الآيتين حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف بلا ريب. اللام:

واقعة في جواب القسم. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال.

{أَرْسَلْنا:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية جواب القسم، لا محلّ لها. {مُوسى:} مفعول به. {بِآياتِنا:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من: {مُوسى،} و (نا):

في محل جر بالإضافة. {إِلى فِرْعَوْنَ:} متعلقان بما تعلق به ما قبلهما، وعلامة الجر الفتحة

<<  <  ج: ص:  >  >>