للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أربعة: نهر الملك، ونهر طولون، ونهر دمياط، ونهر تنّيس. {تَجْرِي مِنْ تَحْتِي:} تحت قصري، أو تحت أمري، أو بين يدي في جناتي. وقيل: أراد بالأنهار: الأموال، وعبّر عنها بالأنهار لكثرتها وظهورها. {أَفَلا تُبْصِرُونَ} أي: ترون عظمتي، وكبريائي.

قال الزمخشري: وليت شعري كيف ارتقت إلى دعوة الربوبية همة من تعظم بملك مصر، وعجب الناس من مدى عظمته، وأمر فنودي بها في أسواق مصر وأزقتها، لئلا تخفى تلك الأبهة، والجلالة على صغير، ولا كبير، وحتى يتربع في صدور الدهماء مقدار عزّته، وملكوته، وعن الرشيد: أنه لما قرأها؛ قال: لأولينّها أخسّ عبيدي، فولاها الخصيب، وكان على وضوئه.

وعن عبد الله بن طاهر: أنّه وليها، فخرج إليها، فلما شارفها، ووقع بصره عليها، قال: أهي القرية التي افتخر بها فرعون، حتى قال: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} والله لهي أقلّ عندي من أن أدخلها، فثنى عنانه؟. انتهى. ومثله في القرطبي.

تنبيه: الهمزة في كلمة {أَفَلا} ومثلها: أولم وأولا، ونحوهما للإنكار، وهي في نية التأخير عن الفاء، والواو؛ لأنهما حرفا عطف، وكذا تقدم على ثم تنبيها على أصالتها في التصدير، نحو قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ..}. إلخ، وقوله جلّ شأنه: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ..}. إلخ، وقوله تعالت حكمته: {أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ..}. إلخ، وأخواتها تتأخر عن حروف العطف، كما هو قياس أجزاء الجملة المعطوفة نحو قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ،} وقوله تعالى: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} هذا مذهب سيبويه، والجمهور، وخالف جماعة أولهم الزمخشري، فزعموا: أنّ الهمزة في الآيات المتقدمة في محلّها الأصلي، وأنّ العطف على جملة مقدرة بينها، وبين العاطف، فيقولون: التقدير في {أَفَلَمْ يَسِيرُوا..}. إلخ {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ..}. إلخ {أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ..}. إلخ: أمكثوا فلم يسيروا في الأرض؟ أنهملكم فنضرب عنكم... إلخ؟ أتؤمنون في حياته، فإن مات... إلخ؟ ويضعفه ما فيه من التكلف، وأنّه غير مطرد في جميع المواضع. انتهى. مغني بتصرف.

الإعراب: {وَنادى:} الواو: حرف عطف. (نادى): فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر. {فِرْعَوْنُ:} فاعله. {فِي قَوْمِهِ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على (لمّا) ومدخولها، لا محل لها مثله. {قالَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى: {فِرْعَوْنُ}. (يا): أداة نداء تنوب مناب أدعو. (قوم): منادى منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة للتخفيف، والياء المحذوفة في محل جر بالإضافة، وحذف الياء هذه إنما هو بالنداء خاصة؛ لأنّه لا لبس فيه، ومنهم من يثبت الياء ساكنة، فيقول: (يا قومي) ومنهم من يثبتها، ويحركها بالفتحة، فيقول: (يا قومي)، ومنهم من يقلبها ألفا بعد فتح ما قبلها، فيقول: (يا قوما) ومنهم من يحذف الياء بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>