للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن القبيح، قال تعالى في سورة (البقرة) رقم [٢٦٩]: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا الْأَلْبابِ،} وقال في سورة (لقمان) رقم [١٢]: {وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلّهِ}. {وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ:} قال مقاتل: هو كقوله تعالى في سورة (آل عمران) رقم [٥٠]: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} يعني: ما أحلّ في الإنجيل مما كان محرما في التوراة، كلحم الإبل، والشحم من كل حيوان، وصيد السمك يوم السبت. وقال البيضاوي تبعا للزمخشري: هو ما يكون من أمر الدين، لا ما يتعلق بأمر الدنيا، فإن الأنبياء، لم تبعث لبيانه، ولذلك قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أنتم أعلم بأمور دنياكم». انتهى.

والمراد: ما يتعلق بالزراعة، والحرف، والصناعات. أما ما يتعلق بالسياسة، وتنظيم الجيوش، وإعداد القوة التي ترهب أعداء الله، وأعداءنا؛ فإن هذا من الأمور الدينية الأخروية بلا شك.

{فَاتَّقُوا اللهَ} أي: اتقوا الشرك، واعبدوا الله وحده، مخلصين له الدين، وإذا كان هذا قول عيسى، فكيف يكون إلها، أو ابن إله، ألا ساء ما يأفكون. {وَأَطِيعُونِ:} فيما أدعوكم إليه من التوحيد، وعبادة الله. هذا؛ وعيسى بالعبرية: يسوع، وقال أبو البقاء: مأخوذ من العيس، وهو بياض يخالطه شقرة، ومنه قيل للإبل البيض: عيس، واحدها: بعير أعيس، وناقة عيساء. قال امرؤ القيس: [الطويل]

يرعن إلى صوتي إذا ما سمعنه... كما ترعوي عيط إلى صوت أعيسا

العيط: جمع عيطاء، وهي الناقة الفتية؛ التي لم تحمل.

الإعراب: {وَلَمّا:} الواو: حرف استئناف. (لما): انظر الآية رقم [٣٠]. {جاءَ:} فعل ماض. {عِيسى:} فاعله مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر. {بِالْبَيِّناتِ:}

متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (لمّا) إليها على اعتبارها ظرفا، ولا محلّ لها؛ لأنّها ابتدائية على اعتبار (لمّا) حرفا. {قالَ:} ماض، وفاعله يعود إلى: {عِيسى}.

{قَدْ:} حرف تحقيق. {جِئْتُكُمْ:} فعل ماض، وفاعله ومفعوله. {بِالْحِكْمَةِ:} متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، و (لمّا) ومدخولها كلام مستأنف لا محلّ له، وجملة: {قالَ..}. إلخ جواب (لمّا) لا محلّ لها. {وَلِأُبَيِّنَ:} الواو: حرف عطف. (لأبين):

فعل مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل مستتر تقديره: «أنا»، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور معطوفان على ما قبلهما، وإن شئت قدر: وجئتكم للتبيين. {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما.

{بَعْضَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {الَّذِي} اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة. {تَخْتَلِفُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله. {فِيهِ:}

متعلقان به. {فَاتَّقُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {اللهَ:}

منصوب على التعظيم، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنّها جواب شرط غير جازم؛ إذ التقدير:

<<  <  ج: ص:  >  >>