للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليعقوبية: هو الله. انظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٠] من سورة (التوبة) تجد ما يسرّك، ويثلج صدرك. فأفرطت النصارى، وغلت، وفرطت اليهود، وقصّرت، أما المسلمون؛ فقد قالوا الحق: إنما هو عبد الله، وكلمته.

هذا؛ و {الْأَحْزابُ} جمع: حزب، وهو في اللغة: أصحاب الرجل الذين يكونون معه على مثل رأيه، وهم القوم الذين يجتمعون لأمر حزبهم، يعني: أهمهم، وكل قوم تشاكلت قلوبهم، وأعمالهم أحزاب، وإن لم يلق بعضهم بعضا. وحزب الشيطان: هم المتبعون وساوسه، وزخارفه، ودعوته إلى الشر والفساد. وحزب الله: هم المتبعون أوامره، المنتهون عن مناهيه. قال تعالى في سورة (المؤمنون) رقم [٥٣]، وفي سورة (الروم) رقم [٣٢]: {كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}.

{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} أي: كفروا، وظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي. {مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ} أي: أليم عذابه، ومثله: ليل نائم؛ أي: ينام فيه. هذا؛ و (ويل) كلمة تقولها العرب لكل من وقع في هلكة، وأصلها في اللغة: العذاب، والهلاك. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-:

الويل: شدّة العذاب. يقال: ويله، وويلك، وويلي. وفي الندبة: ويلاه. وتقول: ويل لزيد، وويلا لعمرو، فالرفع على الابتداء، والنصب على إضمار الفعل، هذا إذا لم تضفه، وأمّا إذا أضفته؛ فليس إلاّ النصب؛ لأنّك لو رفعته؛ لم يكن له خبر بخلافه في قول الأعشى، وهو البيت رقم [٢١] من معلقته: [البسيط]

قالت هريرة لمّا جئت زائرها... ويلي عليك وويلي منك يا رجل

وقال واصل بن عطاء-رحمه الله تعالى-: الويل: واد في جهنم لو أرسلت فيه الجبال؛ لماعت من شدة حره. وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الويل واد في جهنّم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره». أخرجه الترمذي. هذا؛ والويل مصدر لم يستعمل منه فعل؛ لأنّ فاءه، وعينه معتلتان، ومثله: ويح، وويس، وويب، وهو لا يثنى، ولا يجمع. وقيل: يجمع على: ويلات بدليل قول امرئ القيس في معلّقته رقم [١٨]: [الطويل]

ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة... فقالت لك الويلات إنّك مرجلي

وإذا أضيفت هذه الأسماء؛ فالأحسن النصب على المفعولية المطلقة، وإذا لم تضف؛ فالأحسن فيها الرفع على الابتداء، وهي نكرات، وساغ ذلك لتضمنها معنى خاصا.

هذا؛ وويل نقيض: وأل، وهو النجاة. وقد ينادى الويل إذا أضيف لياء المتكلم، أو نا، وسبقته أداة النداء مثل قوله تعالى في سورة (هود) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام:

{يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ} رقم [٧٢]، وقوله تعالى في سورة (الكهف) حكاية عن قول الكافرين يوم القيامة: {يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاّ أَحْصاها} رقم [٤٩]. ولا تنس: أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>