مكسّحة تجري ومكفوفة ترى... وفي بطنها حمل على ظهرها يعلو
فإن عطشت عاشت وعاش جنينها... وإن شربت ماتت وفارقها الحمل
ولا تنس أنّ، أوّل من اخترع السفينة-وهي الفلك-نوح، على نبينا، وشفيعنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. ومن تصميمها، وشكلها أخذت البشرية تصنع السفن، وتتطور جيلا بعد جيل، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه في العصر الحاضر. هذا؛ وقد كانت السفن في الزمن الماضي تسير بواسطة الرياح، وأمّا في أيامنا هذه، فإنها تسير بواسطة البخار، ففي الزمن الماضي كان البحارون يلقون العناء الشديد إذا اضطرب البحر، أو عاكست الرياح مسير السفينة، وقد عبّر المتنبي عن ذلك بقوله-وهو جار مجرى المثل-: [البسيط]
ما كلّ ما يتمنّى المرء يدركه... تأتي الرياح بما لا تشتهي السّفن
هذا؛ والفلك بفتحتين: مدار النجوم الذي يضمها، وهو في كلام العرب كل شيء مستدير، وجمعه: أفلاك ويجمع على فلك أيضا مثل: أسد، وأسد. وقيل: الفلك: السماء الذي فيه الكواكب، فكل كوكب يجري في السماء الذي قدر له أن يجري فيه. وقيل: الفلك: طاحونة كهيئة فلك المغزل، فهو الذي تجري فيه النجوم، وهو مستدير كاستدارة الرحى. وقيل غير ذلك.
وقال أصحاب الهيئة: الأفلاك: أجرام صلبة، لا ثقيلة، ولا خفيفة، غير قابلة للخرق، والالتئام، والنمو، والذبول. والحق: أنه لا سبيل إلى معرفة صفة السموات إلاّ بإخبار الصادق، فسبحان الخالق، المدبر لخلقه بالحكمة، والقدرة الباهرة غير المتناهية.
الإعراب:{اللهُ:} مبتدأ. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر المبتدأ. {سَخَّرَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى:{الَّذِي،} وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {لَكُمُ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {الْبَحْرَ:} مفعول به، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {لِتَجْرِيَ:} فعل مضارع منصوب ب: «أن» مضمرة بعد لام التعليل. {الْفُلْكُ:} فاعله، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل:{سَخَّرَ}. {فِيهِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {بِأَمْرِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما أيضا، أو هما متعلقان بمحذوف حال من:{الْفُلْكُ،} والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {وَلِتَبْتَغُوا:} معطوف على: {لِتَجْرِيَ،} وهو مثله في الإعراب. {مِنْ فَضْلِهِ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {وَلَعَلَّكُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف ضمير متصل في محل نصب اسمها، وجملة:{تَشْكُرُونَ} في محل رفع خبر: (لعلّ)، والجملة الاسمية معطوفة على التعليلين السابقين. تأمل، وتدبر، وربك أعلم.