للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{اِئْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا} أي: من قبل هذا الكتاب، يعني: القرآن، فإنه ناطق بالتوحيد.

هذا؛ و {اِئْتُونِي} أمر من: أتى، يأتي، والأمر بهمزتين: همزة الوصل التي يتوصل بها إلى النطق بالساكن والثانية هي فاء الفعل، ولا يجتمع همزتان، فإذا ابتدأت الكلام قلت: إيت بإبدال الثانية ياء لكسر ما قبلها، فإذا وصلت الكلام زالت العلة في الجمع بين همزتين، فتحذف همزة الوصل، وتعود الهمزة الأصلية، فتقول: إئت، ومثل ذلك قل في إعلال: أذن، يأذن، إئذن.

{أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ:} أو بقية من علم بقيت عليكم من علوم الأولين؛ هل فيها ما يدلّ على استحقاق الأصنام العبادة، أو الأمر به؟ أو هل لله شريك في السموات؟ أو هل هذه الأصنام تقربكم إلى الله زلفى، كما تزعمون، وتدعون؟ هذا؛ ويقرأ: «(أثرة)» وبقراآت مختلفة.

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {أَرَأَيْتُمْ:} الهمزة: حرف استفهام، وتوبيخ، وتقريع. (رأيتم): فعل وفاعل. {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول، والجملة بعدها صلتها، والعائد محذوف، التقدير: الذي تدعونه.

{مِنْ دُونِ:} متعلقان بمحذوف حال من الضمير المنصوب المحذوف، و {دُونِ:} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {أَرُونِي:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به أول. {ماذا:} (ما): اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، و (ذا): اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر المبتدأ، وجملة: {خَلَقُوا:}

صلة الموصول، والعائد محذوف، التقدير: ما الذي خلقوه. هذا؛ وإن اعتبرت {ماذا} اسما مركبا ففيه وجهان: اعتباره مبتدأ، وجملة: {خَلَقُوا:} خبره، والرابط محذوف، كما رأيت، واعتباره مفعولا مقدما للفعل {خَلَقُوا،} وهذا الوجه أقوى على جميع الاعتبارات. بقي أن تعرف أن جملة: {أَرُونِي} يجوز فيها وجهان: الأول: اعتبارها تأكيدا ل‍: {أَرَأَيْتُمْ} لأنها بمعنى:

أخبروني، وعلى هذا يكون المفعول الثاني ل‍: {أَرَأَيْتُمْ} هو جملة: {ماذا خَلَقُوا}. والوجه الثاني: أن لا تكون مؤكدة لها، وعلى هذا تكون المسألة من باب التنازع؛ لأن {أَرَأَيْتُمْ} يطلب ثانيا، و {أَرُونِي} كذلك، وقوله: {ماذا خَلَقُوا} هو المتنازع فيه، وتكون المسألة من إعمال الثاني، والحذف من الأول. هذا؛ وجوز ابن عطية في {أَرَأَيْتُمْ} أن لا يتعدى إلى اثنين، حيث قال:

و {أَرَأَيْتُمْ} لفظ موضوع للسؤال، والاستفهام لا يقتضي مفعولا ثانيا، وجعل {ما تَدْعُونَ} استفهاما، معناه التوبيخ، قال: و {تَدْعُونَ} معناه: تعبدون. قلت: وهذا رأي الأخفش، وقد قال بذلك في قوله تعالى: {قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ..}. إلخ الاية رقم [٦٣] من سورة (الكهف). انتهى. جمل نقلا عن السمين. وقد تصرفت فيه بعض التصرف.

{مِنَ الْأَرْضِ:} متعلقان بمحذوف حال من الضمير المحذوف، و {مِنْ} بيان لما أبهم في:

{ماذا}. {أَمْ:} حرف عطف بمعنى همزة الإنكار، وبل الإضرابية، فهي منقطعة. {لَهُمْ:}

<<  <  ج: ص:  >  >>