للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أرأيتم إن أسلم عبد الله؛ تسلموا؟». قالوا: أعاذه الله من ذلك! فخرج إليهم عبد الله، فقال:

أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أن محمدا رسول الله! فقالوا: هو شرّنا، وابن شرّنا. وانتقصوه، قال: هذا ما كنت أخاف يا رسول الله، وأحذر! قال سعد بن أبي وقاص-رضي الله عنه-: ما سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول لأحد يمشي على وجه الأرض: إنه من أهل الجنة، إلا لعبد الله بن سلام، وفيه نزل: {وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ}. متفق عليه. وهذا يؤيد ما ذكرته في مقدمة السورة من أنّ الاية الكريمة مدنية.

هذا؛ وقيل: الشاهد هو موسى، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، وشهادته ما في التوراة من نعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ولا أعتمده ألبتة. هذا؛ وقد قال تعالى في آخر سورة (الرعد): {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ} انظر شرحها هناك. هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (البقرة) رقم [١٤٦]: {الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ..}. إلخ انظر شرحها هناك فهو جيّد، وخذ ما يلي:

عن عبد الله بن سلام-رضي الله عنه-قال: أول ما قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة انجفل الناس إليه، فكنت فيمن جاءه، فلما تأملت وجهه، واستبنته عرفت: أن وجهه ليس بوجه كذاب. قال:

فكان أول ما سمعت من كلامه أن قال: «أيّها الناس! أفشوا السّلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلّوا بالليل؛ والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام». رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه، والحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين.

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {أَرَأَيْتُمْ:} فعل وفاعل، ومفعولاه محذوفان، التقدير: أرأيتم ماذا حالكم؟ هذا تقدير الجلال، ووافقه الجمل عليه، وقال ابن عطية: «أرأيتم» لفظ موضوع للسؤال والاستفهام، لا يقتضي مفعولا. وإلى هذا القول ذهب القرطبي، ويحتمل أن تكون الجملة من: {إِنْ كانَ..}. إلخ سادة مسد المفعولين. وهذا خلاف ما قرّره النحاة. انتهى. جمل باختصار. {إِنْ:} حرف شرط جازم. {كانَ:} فعل ماض ناقص مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، واسمه مستتر تقديره: «هو» يعود إلى القرآن المفهوم مما تقدم. {مِنْ عِنْدِ:} متعلقان بمحذوف خبر {كانَ،} و {عِنْدِ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي، وجواب الشرط محذوف، واختلف في تقديره اختلافا كبيرا، فأحسن تقدير قدره الخازن: (قل: أرأيتم إن كان من عند الله، ثم كفرتم به، فإنكم لا تكونون مهتدين، بل تكونون ضالين) وهذا التقدير أخذ من الجملة: {إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ}.

{وَكَفَرْتُمْ:} الواو: واو الحال. (كفرتم): فعل وفاعل، والجملة الفعلية في محل نصب حال من تاء الفاعل، أو من اسم {كانَ} المستتر، والرابط على الاعتبارين: الواو، والضمير، و «قد» قبلها مقدرة. هذا؛ وبعضهم يعتبرها معطوفة على جملة: {كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ} وما بعدها معطوف عليها على

<<  <  ج: ص:  >  >>