للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلوبهم من الجهل، وفساد العقيدة. {يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} أي: نظر مغموصين مغتاظين بتحديد، وتحديق، كمن يشخص بصره عند الموت، وذلك لجبنهم عن القتال جزعا، وهلعا ولميلهم في السرّ إلى الكفار. {فَأَوْلى لَهُمْ:} فيه وعيد، وتهديد، وهو معنى قولهم في التهديد: ويلك! وقاربك ما تكره! قال الشاعر: [الوافر] فأولى ثمّ أولى ثمّ أولى... وهل للدّرّ يحلب من مردّ؟!

قال الأصمعي: معناه: قاربه ما يهلكه؛ أي: نزل به، وأنشد: [الوافر] فعادى بين هاديتين منها... وأولى أن يزيد على الثّلاث

وانظر الشاهد رقم [٦٩٤] من كتابنا: «فتح القريب المجيب». وما يتعلق به. وانظر ما ذكرته في سورة (القيامة) رقم [٣٤]. هذا؛ والمراد ب‍: {سُورَةٌ} في هذه الاية: الطائفة من القرآن؛ التي أقلها ثلاث آيات، منقولة من: سور المدينة؛ لأنها محيطة بطائفة من القرآن، محتوية على أنواع من العلم، احتواء سور المدينة على ما فيها، أو من السّورة، وهي الرتبة؛ لأنّ السور كالمراتب، والمنازل، يرتقي فيها القارئ، ولها مراتب في الطول، والقصر، والفضل، والشرف، وثواب القراءة. قال النابغة في مدح النعمان بن المنذر: [الطويل] ألم تر أنّ الله أعطاك سورة... ترى كلّ ملك دونها يتذبذب

والحكمة في تفصيل القرآن، وتقطيعه سورا كثيرة: منها: أن الجنس إذا انطوت تحته أنواع، واشتمل على أصناف؛ كان أحسن من أن يكون بيانا واحدا. ومنها أن القارئ إذا ختم سورة، ثم أخذ في أخرى كان أنشط له، وأبعث على القراءة منه، لو استمرّ على القرآن بطوله، ومن ثمّ جزّئ القرآن أسباعا، وأجزاء، وعشورا، وأخماسا. ومنها: أن الحافظ إذا حفظ سورة، اعتقد أنه أخذ من كتاب الله طائفة مستقلة بنفسها، لها فاتحة، وخاتمة، فيعظم عنده ما حفظه، ويجلّ في نفسه، ومنه حديث أنس-رضي الله عنه-: «كان الرجل إذا قرأ البقرة، وآل عمران جلّ فينا» أي: عظم. ولذا أنزل الله التوراة، والإنجيل، والزبور، وسائر ما أوحاه إلى أنبيائه مسورة مترجمة السور، وبوب المصنّفون في كل فنّ من كتبهم أبوابا موشحة الصّدور بالتراجم. انتهى.

نسفي في غير هذه السورة بتصرف كبير مني.

الإعراب: {وَيَقُولُ:} الواو: حرف استئناف. (يقول): فعل مضارع. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل، وجملة: {آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها. {لَوْلا:} حرف تحضيض، بمعنى هلاّ. {نُزِّلَتْ:} فعل ماض مبني للمجهول، والتاء للتأنيث حرف لا محلّ له. {سُورَةٌ:} نائب فاعل، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، وجملة: (يقول...) إلخ مستأنفة. {فَإِذا:} الفاء: حرف استئناف. (إذا):

<<  <  ج: ص:  >  >>