عن غيره، ولم ينسه أشغاله المهمة؛ فهو اللعب، وإن أشغله عن مهمات نفسه؛ فهو اللهو، وقال بعضهم: إن بقيت لك الدنيا؛ لم تبق لها، وأنشد:[الطويل] تروح لنا الدنيا بغير الذي غدت... وتحدث من بعد الأمور أمور
وتجري الليالي باجتماع وفرقة... وتطلع فيها أنجم وتغور
فمن ظنّ أنّ الدهر باق سروره... فذاك محال لا يدوم سرور
عفا الله عمّن صيّر الهمّ واحدا... وأيقن أنّ الدائرات تدور
وما أحسن قول الشافعي-رضي الله عنه-: [الطويل] وما هي إلاّ جيفة مستحيلة... عليها كلاب همّهنّ اجتذابها
فإن تجتنبها كنت سلما لأهلها... وإن تجتذبها نازعتك كلابها
{وَإِنْ تُؤْمِنُوا:} بالله، ورسوله، وتنقادوا لأوامرهما. {وَتَتَّقُوا:} الله بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه. {يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ} أي: يوفكم أجور أعمالكم، وثوابها في الاخرة. {وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ} أي: لا يأمركم بإخراج جميعها في الزكاة، بل أمر بإخراج البعض، وهو ربع العشر من أموالكم، وهو زكاة أموالكم، ثم ترد عليكم، ليس لله، ورسوله فيها حاجة، إنما فرضها الله تعالى في أموال الأغنياء، وردها على الفقراء، فطيبوا بإخراج الزكاة بأنفسكم. وإلى هذا القول ذهب سفيان بن عيينة.
وقيل: المعنى: لا يسألكم أموالكم لنفسه، أو لحاجة منه إليها، إنما يأمركم بالإنفاق في سبيله؛ ليرجع ثوابه إليكم. وقيل: لا يسألكم أموالكم، إنما يسألكم أموالكم، إنما يسألكم أمواله؛ لأنه المالك لها، وهو المنعم بإعطائها. وقيل: لا يسألكم محمد أموالكم أجرا على تبليغ الرسالة، كما قال تعالى في كثير من الايات:{قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ}. انتهى. خازن، وقرطبي. بتصرف كبير.
الإعراب:{إِنَّمَا:} كافة، ومكفوفة. {الْحَياةُ:} مبتدأ. {الدُّنْيا:} صفة: {الْحَياةُ} مرفوع مثله، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر. {لَعِبٌ:} خبر المبتدأ. {وَلَهْوٌ:} معطوف عليه، والجملة الاسمية مبتدأة، أو مستأنفة، لا محلّ لها. {وَإِنْ:} الواو: حرف استئناف. (إن):
حرف شرط جازم. {تُؤْمِنُوا:} فعل مضارع فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. (تتقوا): فعل مضارع معطوف على ما قبله مجزوم مثله، أو هو منصوب ب:«أن» مضمرة بعد واو المعية، وعليه يؤول الفعل مع «أن» المضمرة بمصدر معطوف على مصدر متصيد من الفعل السابق، التقدير: وإن يحصل منكم إيمان، وتقاة. ومثل الاية قول الشاعر-وهو الشاهد رقم [١٦٦] من كتابنا: «فتح رب البرية-: [الطويل]