للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قريش سهيل بن عمرو القرشي، وحويطب بن عبد العزى، ومكرز بن حفص بن الأخيف على أن يعرضوا على النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يرجع من عامه ذلك على أن تخلّي له قريش مكة من العام القابل ثلاثة أيام، ففعل ذلك، وكتبوا بينهم كتابا، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لعليّ-رضي الله عنه-: «اكتب بسم الله الرحمن الرحيم». فقال سهيل وأصحابه: ما نعرف هذا، ولكن اكتب: باسمك اللهم. ثم قال:

«اكتب هذا ما صالح عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أهل مكة».

فقالوا: لو كنا نعلم أنك رسول الله؛ ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله أهل مكة. فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «اكتب ما يريدون، فأنا أشهد أني رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله». فهمّ المسلمون أن يأبوا ذلك، ويشمئزوا منه، فأنزل الله على رسوله وعلى المؤمنين السكينة، فتوقروا، وتحلموا.

و {كَلِمَةَ التَّقْوى} بسم الله الرحمن الرحيم، ومحمد رسول الله قد اختارها الله لنبيه صلّى الله عليه وسلّم وللذين معه من أهل الخير، ومستحقيه، ومن هم أولى بالهداية من غيرهم. وقيل: هي كلمة الشهادة. وعن الحسن-رضي الله عنه-كلمة التقوى هي الوفاء بالعهد، ومعنى إضافتها إلى التقوى: أنها سبب التقوى، وأساسها. وقيل: كلمة أهل التقوى. انتهى.

ومعنى (ألزمهم): اختار لهم كلمة الإيمان، والثبات عليها، فهو إلزام إكرام، وتشريف.

{وَكانُوا أَحَقَّ بِها:} من غيرهم أي في علم الله؛ لأنّ الله تعالى اختارهم لدينه. و (أهلها) عطف تفسيري ل‍: {أَحَقَّ بِها،} أو الضمير في {بِها} لكلمة التوحيد، وفي (أهلها) للتقوى فلا تكرار، فلا يرد: ما فائدة قوله: {وَأَهْلَها} بعد قوله {أَحَقَّ بِها}. انتهى. جمل. {وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} يعني: من أمر الكفار، وما كانوا يستحقونه من العقوبة، وأمر المؤمنين، وما يستحقونه من المثوبة، والأجر، والفضل. وانظر شرح {السَّكِينَةَ} في الاية رقم [٤].

الإعراب: {إِذْ:} ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل: (عذبنا)، أو بالفعل: (صدوكم)، أو ب‍: «اذكر» محذوفا. {جَعَلَ:} ماض.

{الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها، وجملة: {كَفَرُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها. {فِي قُلُوبِهِمُ:} متعلقان بالفعل: {جَعَلَ،} أو هما متعلقان بمحذوف مفعول ثان تقدم على الأول على اعتباره بمعنى: «صير» وتعدى إلى مفعولين، والهاء في محل جر بالإضافة. {الْحَمِيَّةَ:}

مفعول به. {الْحَمِيَّةَ:} بدل مطابق، و {الْحَمِيَّةَ} مضاف، و {الْجاهِلِيَّةِ} مضاف إليه. {فَأَنْزَلَ اللهُ:}

ماض، وفاعله، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {جَعَلَ..}. إلخ، فهي في محل جر مثلها.

وعند التأمل يتبين لك: أن الجملة معطوفة على شيء مقدر؛ أي: فهمّ المسلمون أن يخالفوا كلام الرسول في الصلح، وكادوا أن يهلكوا... فأنزل الله... إلخ. {سَكِينَتَهُ:} مفعول به،

<<  <  ج: ص:  >  >>