للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث المعراج من أفراد مسلم عن أنس-رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأى البيت المعمور في السماء السابعة، قال: «فإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه». وفي رواية أخرى: «قال: فانتهيت إلى بناء، فقلت للملك: ما هذا؟ قال: بناء بناه الله للملائكة، يدخل فيه سبعون ألف ملك، لا يعودون، يسبحون الله، ويقدسونه». وفي أفراد البخاري عن أبي هريرة-رضي الله عنه-. عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه رأى البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك. انتهى. خازن، وقرطبي بتصرف.

{وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ:} المراد به: السماء سماها سقفا؛ لأنها للأرض كالسقف للبيت. وانظر الاية رقم [٤٧] من سورة (الذاريات). {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} أي: الموقد المحمى بمنزلة التنور المسجور، وهو قول ابن عباس-رضي الله عنهما-وذلك ما روي: أن الله تعالى يجعل البحار كلها يوم القيامة، فيزاد بها في نار جهنم، ودليل هذا قوله تعالى في سورة (التكوير): {وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ} وقيل:

المسجور: المملوء، وأنشد النحويون للنمر بن تولب الصحابي-رضي الله عنه-: [المتقارب] إذا شاء طالع مسجورة... ترى حولها النّبع والسّاسما

يريد وعلا يطالع عينا مسجورة مملوءة ماء. وقيل: المسجور: اليابس؛ الذي ذهب ماؤه، ونضب. وقيل: هو المختلط العذب بالملح. والمعتمد الأول، وانظر سورة (التكوير).

{إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ} أي: إنه لحق، ونازل بالمشركين في الدنيا وفي الاخرة، قال جبير بن مطعم-رضي الله عنه-: قدمت المدينة لأسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في أسارى بدر، فوافيته يقرأ في صلاة المغرب: {وَالطُّورِ} إلى قوله: {إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ (٧) ما لَهُ مِنْ دافِعٍ} فكأنما صدع قلبي، فأسلمت خوفا من نزول العذاب، وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع بي العذاب. وجبير -رضي الله عنه-لم يدخل المسجد وقتئذ، وإنما سمع القراءة، وهو خارج المسجد؛ لأن صوت النبي صلّى الله عليه وسلّم يخرج من المسجد. وقال هشام بن حسان: انطلقت أنا، ومالك بن دينار إلى الحسن، وعنده رجل يقرأ: {وَالطُّورِ} حتى بلغ {إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ..}. إلخ فبكى الحسن، وبكى أصحابه، فجعل مالك يضطرب حتى غشي عليه، ولما ولّي بكّار القضاء جاء إليه رجلان يختصمان، فتوجهت على أحدهما اليمين، فرغب في الصلح بينهما، وأنه يعطي خصمه من عنده عوضا من يمينه فأبى إلا اليمين، فأحلفه بأول {وَالطُّورِ} إلى أن قال له قل: {إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ} إن كنت كاذبا، فقالها، فخرج فكسر من حينه. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَالطُّورِ:} جار ومجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره أقسم. وقد اختلف في المقسم به، فقيل: هو على ظاهره، وإنما أقسم الله بهذه الأشياء وأمثالها تنويها بشأنها، ورفعا لقدرها. وقيل: المقسم به محذوف، التقدير: ورب الطور، ورب كتاب... إلخ، انظر الذاريات وذكرت لك ما قيل عن الخليل، وعن السمين، وأنني رجحت الأول، الذي لا تقدير فيه، وكل

<<  <  ج: ص:  >  >>