للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا: إن ما يأتيهم به النبي صلّى الله عليه وسلّم سحر، وإنه يموه عليهم، ويغطي أبصارهم، فوبخوا بذلك. {أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ:} كما كنتم لا تبصرون في الدنيا؛ أي: أم أنتم عمي عن المخبر عنه، كما كنتم عميا عن الخبر. {اِصْلَوْها:} قاسوا حر نار جهنم. {فَاصْبِرُوا} على شدة حرها. {أَوْ لا تَصْبِرُوا} عليه. {سَواءٌ عَلَيْكُمْ} أي: الصبر، وعدمه. {إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي: من الكفر، والتكذيب.

المعنى: تقول لهم خزنة جهنم: هذه النار، التي وعدتم، فكذبتم بها، فذوقوا حرها بسبب كفركم في الدنيا! وهو أمر بإهانة، وتحقير لهم، وهو كقوله تعالى في سورة (يس): {هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٦٣) اِصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ،} وقوله تعالى في سورة (الرحمن):

{هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ}.

فقد روي عن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا كان يوم القيامة جمع الله الإنس، والجنّ، والأوّلين، والاخرين في صعيد واحد، ثم أشرف عنق من النار على الخلائق، فأحاط بهم، ثم ينادي مناد: {هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ..}. إلخ فحينئذ تجثو الأمم على ركبها، وتضع كلّ ذات حمل حملها، وتذهل كلّ مرضعة عما أرضعت، وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد».

هذا وفي «المصباح المنير»: صلي بالنار، وصليها صلى من باب: تعب: وجد حرها، والصلاء وزان كتاب: حرّ النار، وصليت اللحم، أصليه من باب رمى: شويته. وقال الجوهري: يقال:

صليت الرجل نارا: إذ أدخلته النار، وجعلته يصلاها، فإن ألقيته فيها إلقاء كأنك تريد الإحراق، قلت: أصليته، وصلّيته تصلية. ويقال أيضا: صلي بالأمر: إذا قاسى حره وشدته، واصطليت بالنار، وتصلّيت بها: إذا استدفأت بها، وفلان لا يصطلى بناره: إذا كان شجاعا، لا يطاق.

هذا؛ و {سَواءٌ} مصدر بمعنى الاستواء؛ فلذا صح الإخبار به عن متعدد. وقيل: هو اسم بمعنى مستو، وهو لا يثنى، ولا يجمع، قالوا: هما هم سواء، فإذا أرادوا لفظ المثنى، قالوا:

سيان، وإن شئت قلت: سواآن، وفي الجمع: هما سواء، وهذا كله ضعيف، ونادر، وأيضا على غير القياس: هم سواس، وسواسية؛ أي: متساويان، ومتساوون. هذا؛ ويأتي بمعنى الوسط، كما في قوله تعالى في سورة (الصافات) الاية رقم [٥٥]: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ} ويأتي بمعنى العدل، كما في قوله تعالى: {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ} رقم [٥٨] من سورة (الأنفال) وسواء الشيء: غيره، قال الأعشى: [الطويل] تجانف عن جوّ اليمامة ناقتي... وما عدلت عن أهلها لسوائكا

وسواء السبيل: ما استقام منه، وسواء الجبل: ذروته.

الإعراب: {هذِهِ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {النّارُ:} خبر المبتدأ. {الَّتِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة

<<  <  ج: ص:  >  >>