للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكمال في الصفة، أو في جنات، ونعيم مخصوصة بالمتقين خلقت لهم خاصة. هذا؛ و {الْمُتَّقِينَ} اسم فاعل من التقوى، وهي حفظ النفس من العذاب الأخروي بامتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه؛ لأن أصل المادة من الوقاية، وهي الحفظ، والتحرز من المهالك في الدنيا، والاخرة. وانظر ما وصف الله به المتقين في أول سورة (البقرة)، وأيضا في سورة (الذاريات)، وبين ما أعد الله لهم في الاخرة في هذه الايات، وأصل المتقين: «المؤتقين» قلبت الواو تاء، وأدغمت التاء في التاء. مثل: متصل من اتصل، أصلهما: مؤتصل، أوتصل. ولا تنس: أن الله جلت قدرته لما ذكر حال الكفار في الايات السابقة؛ ذكر حال المؤمنين المتقين في هذه الايات، وهذا من باب المقابلة، وانظر ما ذكرته في الاية رقم [١٥] من سورة (الذاريات).

{فَكِهِينَ:} ناعمين متلذذين. {بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ} أي: منحهم، وأعطاهم من الخير، والكرامة، وأصناف الملاذ من ماكل، ومشارب، وملابس، ومساكن، ومراكب، وغير ذلك.

{وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ:} وحفظهم ربهم من عذاب جهنم، وتلك نعمة مستقلة بذاتها مع ما أضيف إليها من دخول الجنة؛ التي فيها من السرور ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الْمُتَّقِينَ:} اسم {إِنَّ} منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ. {فِي جَنّاتٍ:} متعلقان بمحذوف خبر {إِنَّ}. والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها، ويجوز أن تكون من جملة المقول للكفار زيادة في غمهم، وتحسرهم. {وَنَعِيمٍ:} معطوف على ما قبله. {فَكِهِينَ:} حال من الضمير المستتر في متعلق الجار والمجرور؛ أي: في الخبر المحذوف. {بِما:} جار ومجرور متعلقين بفاكهين، و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر بالياء، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: بالذي، أو بشيء آتاهم ربهم إياه، وعلى اعتبار (ما) مصدرية تؤول مع ما بعدها بمصدر في محل جر بالباء، التقدير: بإيتاء ربهم.

{آتاهُمْ:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والهاء مفعوله الأول، والثاني محذوف، كما رأيت تقديره. {رَبُّهُمْ:} فاعل، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {وَوَقاهُمْ:} معطوف على آتاهم فيكون مؤولا معه بمصدر.

التقدير: فاكهين بإيتاء ربهم وبوقايته لهم عذاب الجحيم. هذا وجه له. والثاني: أن الجملة:

{وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ..}. إلخ في محل نصب حال من الضمير العائد على {الْمُتَّقِينَ} والرابط: الواو، والضمير، و «قد» مقدرة بعد الواو. والثالث: أن الجملة الفعلية معطوفة على: {فِي جَنّاتٍ}. قاله الزمخشري، فيكون مخبرا به عن {الْمُتَّقِينَ} أيضا. انتهى. جمل. وإعراب الجملة التفصيلي مثل ما قبلها بلا فارق، فهو واضح إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>