وفيهم من هو أكثر مالا، وأحسن حالا؟! {بَلْ هُوَ كَذّابٌ أَشِرٌ} أي: ليس كما يدعي، وإنما يريد أن يتعاظم، ويلتمس التكبر علينا من غير استحقاق. والأشر: بفتح العين: المرح والتجبر، والنشاط، يقال: فرس أشر: إذا كان مرحا نشيطا. وقيل: {أَشِرٌ} بطر، والأشر: البطر، قال الشاعر: [الطويل]
أشرتم بلبس الخزّ لمّا لبستم... ومن قبل ما تدرون من فتح القرى
وقد أشر بالكسر، يأشر أشرا، فهو أشر، وأشران، وقوم أشارى مثل: سكران، وسكارى.
قالت مية بنت ضرار الضبي ترثي أخاها: [المتقارب]
تراه على الخيل ذا قدمة... إذا سربل الدّم أكفالها
وخلّت وعولا أشارى بها... وقد أزهف الطّعن أبطالها
وقرأ أبو جعفر، وأبو قلابة «(أشرّ)» بفتح الشين وتشديد الراء يعني به: أشرنا، وأخبثنا. ومثله في الاية التالية، وهو الأصل، كما ستقف عليه في الاية رقم [٤٣] الاتية. قال أبو حاتم: لا تكاد العرب تتكلم بالأشرّ والأخير إلا في ضرورة الشعر، كقول رؤية: [الرجز]
يا قاسم الخيرات، وابن الأخير... ما ساسنا مثلك من مؤمّر
{سَيَعْلَمُونَ غَداً} أي: سيرون العذاب في الدنيا، والاخرة. ففيه تهديد، ووعيد، والسين لتقريب مضمون الجملة، وتأكيده، و «غدا» يفيد التقريب أيضا على عادة الناس في قولهم للعواقب: إن مع اليوم غدا. قال الشاعر: [البسيط]
للموت فيها سهام غير مخطئة... من لم يكن ميّتا في اليوم مات غدا
والمراد ب: (غد) على الأكثر اليوم الذي بعد يومك على الأثر، وأصله: غدو، فحذفت منه الواو لغير علة تصريفية، وهو ما يسمى الحذف اعتباطا، وقد ردها لبيد بن ربيعة الصحابي-رضي الله عنه-في قوله: [الطويل]
وما النّاس إلاّ كالدّيار وأهلها... بها يوم حلّوها، وغدوا بلاقع
الإعراب: {أَأُلْقِيَ:} (الهمزة): حرف استفهام إنكاري. (ألقي): فعل ماض مبني للمجهول. {الذِّكْرُ:} نائب فاعل. {عَلَيْهِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {مِنْ بَيْنِنا:}
جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الضمير المجرور محلا ب: (على). (ونا): ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول. {بَلْ:} حرف عطف، وانتقال. {هُوَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {كَذّابٌ:} صفة لموصوف محذوف هو خبر المبتدأ. {أَشِرٌ:} صفة ثانية، والجملة الاسمية معطوفة على ما