للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسم جنس لكلّ ما يزرعه ابن آدم، ويقتاته، وأشهر ذلك البرّ، فكثيرا ما يراد بالحبّ، ومنه قول المتلمّس، وهو الشاهد رقم [١٤٩] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [البسيط]

آليت حبّ العراق الدّهر أطعمه... والحبّ يأكله في القرية السّوس

وحبّة القلب: سويداؤه، والحبّة بكسر الحاء: بذور البقول ما ليس بقوت، والحبّة بضم الحاء: الحبّ والمحبّة، يقال: نعم، وحبّا، وكرامة، والحبّ بكسر الحاء: الحبيب. {أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ} أي: أخرجت ساقا تشعب منه سبع شعب في كلّ واحدة منها سنبلة، وهذا مشاهد في الذّرة، والدّخن، وفي القمح في الأراضي الخصبة، والسّنبلة، والسّبلة بمعنى واحد. وأسند الله تعالى الإنبات إلى الحبّة، لمّا كانت من الأسباب، كما يسند إلى الأرض والماء، والمنبت في الحقيقة هو الله تعالى، فهو إسناد مجازي، ويسمّى المجاز العقلي، وفي الآية تشبيه مرسل مجمل لذكر أداة التشبيه وحذف وجه الشبه.

{وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ} أي: يزيد على سبعمائة، فيكون مثل المتصدّق مثل الزّارع، إن كان حاذقا في عمله، والبذر جيدا، والأرض خصبة يكون الزّرع أكثر، فكذلك المتصدّق إذا كان صالحا، مخلصا، والمال من حلال، ووضعه عند المستحقّ، فيصير الثواب أكثر، والأجر أعظم، وخذ ما يلي:

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من تصدّق بعدل تمرة من كسب طيّب، ولا يقبل الله إلاّ الطّيّب، فإنّ الله يقبلها بيمينه، ثمّ يربّيها لصاحبها كما يربّي أحدكم فلوّه حتّى تكون مثل الجبل» رواه الشيخان، وقال تعالى في سورة (النساء) رقم [٤٠] {إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً}.

{وَاللهُ واسِعٌ:} يسع خلقه كلهم بالكفاية والرزق والجود والعطاء، وهو واسع الفضل والرحمة، وقيل: واسع القدرة، والعلم، والرزق. وقيل: هو الغني الّذي وسع جميع مخلوقاته غناه. {عَلِيمٌ:} بأفعال عباده، ما يغيب عنه منها شيء، قال تعالى: {وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً}.

تنبيه: استدل بهذه الآية على أن اتّخاذ الزرع من أجلّ الحرف التي يتخذها الناس، والمكاسب التي يشتغل بها العمال، ولذلك ضرب الله بها المثل لنفقة المؤمن في سبيل الله، فقال جل ذكره: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ..}. إلخ، وفي صحيح مسلم عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا، فيأكل منه طير أو بهيمة، أو إنسان إلا كان له صدقة» والزراعة من فروض الكفاية، فيجب على الإمام أن يجبر الناس عليها، وما كان في معناها من غرس الأشجار، حكي عن المعتضد العباسي: أنه قال: رأيت عليّ بن أبي طالب-رضي الله عنه-في المنام، فناولني المسحاة، وقال: خذها فإنّها مفاتيح خزائن الأرض، وروت عائشة-رضي الله عنها-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «التمسوا الرّزق في خبايا الأرض».

<<  <  ج: ص:  >  >>