للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخارقة للعادة، مثل انشقاق القمر، ونحوه، وعصا موسى، ونحو ذلك. قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ} وتطلق على الموعظة، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} كما تطلق على جملتين، أو أكثر من كلام الله تعالى، وعلى السورة بكاملها كما في مطلع سورة (النمل) و (الشعراء) ونحوهما.

{لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ:} جمع ظلمة، وقد جمعت باعتبار تعدد معانيها؛ إذ المراد ظلمة الكفر، وظلمة النفاق، وظلمة المعاصي، وظلمة الشهوات. وفيها استعارة لا تخفى، وقال تعالى في المحسوس منها: {وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ} سورة (الأنعام) رقم [١] فقد جمعت هنا؛ لأنها متعددة أيضا، وتختلف باختلاف الشيء الذي تكون فيه، مثل ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة المكان الذي يكون فيه الإنسان، فإن كل واحد منها يخالف صاحبه، ووحّد النور؛ لأنه نوع واحد لا يختلف. وقدم الظلمات في الذّكر بجميع معانيها على النور؛ لأنه نوع واحد لا يختلف، وقدم الظلمات؛ لأنها مخلوقة قبل النور، والظلمة بمعانيها المذكورة مستعارة من ظلمة الليل الحقيقية، والجامع بينهما عدم الاهتداء في كلّ منهما، كما أن النور بمعناه المتقدم، أو بمعنييه مستعار من نور النهار، أو من نور المصباح المضيء، والجامع بينهما: الاهتداء في كلّ منهما. {وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ:} حيث هيأ لكم أسباب الاستدلال، وفتح عليكم أبواب المنافع، ودفع عنكم أنواع المضار. هذا؛ والرأفة: أشد الرحمة، و (رؤوف) صيغة مبالغة، فالله أرأف بعباده المؤمنين من الوالدة بولدها.

هذا؛ و {اللهَ} علم على الذات الواجب الوجود، المستحق لجميع المحامد، وهو اسم الله الأعظم، الذي إذا دعي به؛ أجاب، وإذا سئل به أعطى. وإنما تتخلف الإجابة في بعض الأحيان عند الدعاء به لتخلف شروط الإجابة؛ التي أعظمها أكل الحلال. ولم يسم به أحد سواه. قال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} أي: هل أحد تسمى الله غير (الله)؟ وقد ذكر في القرآن الكريم في ألفين وثلاثمئة وستين موضعا.

الإعراب: {هُوَ الَّذِي:} مبتدأ، وخبر. {يُنَزِّلُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى {الَّذِي} وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول، والجملة الاسمية مستأنفة، أو مبتدأة لا محل لها.

{عَلى عَبْدِهِ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة.

{آياتٍ:} مفعول به. {بَيِّناتٍ:} صفة {آياتٍ} منصوب، وعلامة نصبهما الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنهما جمعا مؤنث سالمان. {لِيُخْرِجَكُمْ:} فعل مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل يعود إلى {الَّذِي،} والكاف مفعول به، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {يُنَزِّلُ}. {مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ:} كلاهما متعلقان بالفعل قبلهما. {وَإِنَّ:} (الواو): واو الحال. (إنّ): حرف مشبه

<<  <  ج: ص:  >  >>