زوجاتهم. قال الإمام الفخر الرازي: الظهار: هو عبارة عن قول الرجل لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي، يقصد: علوّي عليك حرام كعلوّي على أمي. والعرب تقول في الطلاق: نزلت عن امرأتي؛ أي: طلقتها، فغرضهم من هذه اللفظة تحريم معاشرتهم تشبيها بالأم. {ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاّئِي وَلَدْنَهُمْ:} المعنى: لا تصير الزوجة بقول زوجها لها: أنت عليّ كأمي، أو مثل أمي، أو كظهر أمي، وما أشبه ذلك لا تصير أمه بذلك، إنما أمه الحقيقية هي التي ولدته.
{وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً} أي: كلاما فاحشا، وباطلا، ينكره الواقع، والحقيقة، وينكره الشرع الشريف، والدين الحنيف، وهو كذب، وزور، وبهتان؛ لأن الأم محرمة تحريما مؤبدا، والزوجة لا تحرم عليه بهذا القول تحريما مؤبدا، فلا جرم صار ذلك منكرا من القول وزورا. {وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} أي: كثير العفو وكثير المغفرة، فهما صيغتا مبالغة، وهما من أسماء الله الحسنى. وانظر ما قبلهما في الاية السابقة.
هذا؛ و {أُمَّهاتِهِمْ} جمع: أم، والقياس أن يكون جمعها (أمّات) قال الزمخشري: والهاء مزيدة في أمّات، كما زيدت في: أراق، فقيل: أهراق، وشذت زيادتها في الواحدة في قول قصي الجد الرابع للنبي صلّى الله عليه وسلّم:[الرجز] أمّهتي خندف والياس أبي... عند تناديهم بهال وهب
وقال ابن عصفور في الممتع: أما أمّهة، فمنهم من يجعل الهاء زائدة فيه، ومنهم من يجعلها أصلية، فالذي يجعلها زائدة يستدل على ذلك بأنها في معنى الأم، وأورد بيت قصي، إلا أن الفرق بين أمّهة، وأم: أن أمّهة تقع في الغالب على من يعقل، وقد تستعمل فيما لا يعقل، وذلك قليل جدا، نحو قول السفاح بن بكير:[السريع] قوّال معروف وفعّاله... عقّار مثنى أمّهات الرّباع
و «أم» يقع في الغالب على ما لا يعقل، وقد يقع على العاقل بنحو قول جرير:[الوافر] لقد ولد الأخيطل أمّ سوء... على باب استها صلب وشام
ومما يدل أيضا على زيادة الهاء في أمّهة قولهم: أمّ بينة الأمومة بغير هاء، ولو كانت أصلية لثبتت في المصدر، والذي يجعلها أصلية يستدل على ذلك بما حكاه صاحب العين من قولهم:
تأمّهت أمّا، فتأمّهت تفعّلت بمنزلة تنبّهت، مع أن زيادة الهاء قليلة جدا، فمهما أمكن جعلها أصلية، كان ذلك أولى فيها، والصحيح: أنها زائدة؛ لأن الأمومة حكاها أئمة اللغة، وأما تأمّهت فانفرد بها صاحب العين، وكثيرا ما يأتي في كتاب العين ما لا ينبغي أن يؤخذ به لكثرة اضطرابه، وخلله. انتهى. بعد هذا؛ فالأمّ تعم من ولدتك، أو ولدت من ولدك، وإن علت، ويقرأ: أمّهات بضم الهمزة، وفتح الميم، وهي قراءة العامة، ويقرأ بكسر الهمزة، وفتح الميم، وبكسرهما معا.