سابقه عند الشافعي، وأبي حنيفة، رحمهما الله تعالى. {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ} أي: الصوم للكبر، أو مرض، {فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} أي: فعليه إطعام ستين مسكينا، ولم يقيده هنا بقوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا} كما قيده في العتق والصوم، فقال الإمام مالك: يجوز له الوطء قبله. وعند الاخرين:
الإطلاق في الإطعام محمول على المقيد في العتق، والصيام. فإن جامع قبل أن يكفر؛ لم يجب عليه إلا كفارة واحدة، وهو قول أكثر أهل العلم، كمالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وسفيان. وقال بعضهم: إن واقعها قبل أن يكفر؛ فعليه كفارتان. وهو قول عبد الرحمن بن مهدي.
{ذلِكَ} أي: الذي بيناه من أحكام الظهار. {لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ} أي: لتصدقوا الله فيما أمر به، وتصدقوا الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيما أخبر به عن الله تعالى. {وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ} أي: محارمه، فلا تنتهكوها، بخروجكم عن طاعة الله، وطاعة رسوله. هذا؛ وفي آية (البقرة) رقم [١٨٧]:
{تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها}. وفيها رقم [٢٢٩]: {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها}. {وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ} أي: الذين لم يؤمنوا، ولا التزموا بأحكام هذه الشريعة، لا تعتقدوا: أنهم ناجون من الانتقام؛ كلا ليس الأمر كما زعموا، بل لهم عذاب أليم في الدنيا والاخرة. هذا؛ وأطلق لفظ الكافر على متعدي الحدود تغليظا، وزجرا.
هذا؛ والصيام في اللغة: الإمساك، وقد يكون إمساكا عن الكلام على حد قوله تعالى لمريم -على نبينا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام-: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} وقد يكون إمساكا عن غيره، خذ قول النابغة الذبياني: [البسيط] خيل صيام وخيل غير صائمة... تحت العجاج وأخرى تعلك اللّجما
ثم نقل في الشرع إلى إمساك مخصوص عن الطعام، والشراب، والجماع، ونحو ذلك بنية مخصوصة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. هذا؛ وفعل المادة واوي، صام، يصوم، ومصدره:
صوما، وصواما، وقد قلبت الواو ياء في الثاني لمناسبة الكسرة، ومثله: قيام، مصدر: قام، يقوم.
فقد ذكر السيوطي-رحمه الله تعالى-في كتابه: (همع الهوامع) في باب الإبدال ما يلي:
تبدل الياء بعد كسرة من واو، هي عين مصدر لفعل معل العين، موزون ب: «فعال» نحو قام قياما، وعاد عيادا، بخلاف عين غير المصدر، كصوان، وسواك، والمصدر المفتوح أوله، كرواح، أو المضموم كقوار، أو المكسور الذي لم تعل عين فعله، كلاوذ لواذا. وعاود عوادا، أو الموزون ب: «فعل» كالحول، وتبدل أيضا: كثوب، وثياب، وحوض، وحياض، ودار، وديار، وريح، ورياح بخلاف عين المفرد.
هذا؛ و {شَهْرَيْنِ} تثنية: شهر، وفيه لأهل اللغة قولان: أشهرهما: أنه اسم لمدة الزمان، الذي يكون مبدؤها الهلال ظاهرا إلى أن يستتر، سمي بذلك لشهرته في حاجة الناس إليه في المعاملات، وغيرها. والثاني قاله الزجاج: أنه اسم للهلال نفسه. ويجمع على: أشهر، وشهور.