للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-رضي الله عنه-، وهو الشاهد رقم [٥٩٧] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» رقم [٤٨٥] من كتابنا: «فتح رب البرية»: [البسيط]

أمرتك الخير، فافعل ما أمرت به... فقد تركتك ذا مال وذا نشب

وتارة يتعدّى إلى الثاني بحرف الجر، كما في قولك: أمرتك بالخير، ومثله: استغفر، واختار، وكنى، وسمّى، ودعا، وصدّق، وزوّج، وكان، ووزن، قال الشاعر: وهو الشّاهد رقم [٤٨٦] من كتابنا فتح ربّ البرية: [البسيط]

أستغفر الله ذنبا لست محصيه... ربّ العباد، إليه الوجه والقبل

وقد تحذف الهمزة من أمره، فتقول: مر، كما تحذف من أمر: أخذ، يأخذ، فتقول: خذ، وتحذف من أمر: أكل يأكل، فتقول: كل، والأصل: اؤمر، وأؤخذ، واؤكل، فحذفت الهمزتان من الأفعال الثلاثة لاجتماع الضّمّات، وقد قالوا: اؤمر أؤخذ، فاستعمل على الأصل، ومنه اؤمر في الآية رقم [١٤٥] من سورة (الأعراف)، وفي الآية رقم [١٣٢] من سورة (طه)، والآية رقم [١٧] من سورة (لقمان).

{وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ:} لذنوبكم، وسترا لعيوبكم، وخلفا لما تنفقون زائدا عن الأصل، ورزقا حسنا. {وَفَضْلاً:} كرما، وجودا منه تعالى، فالمغفرة إشارة إلى منافع الآخرة، والفضل إشارة إلى منافع الدنيا، وما يحصل من الرّزق، والخلف. {وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ:} انظر الآية رقم [٢٦١] ففيها الكفاية، وخذ ما يلي:

فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ للشّيطان لمّة بابن آدم، وللملك لمّة، فأمّا لمّة الشّيطان فإيعاد بالشرّ، وتكذيب بالحقّ، وأمّا لمّة الملك فإيعاد بالخير، وتصديق بالحقّ، فمن وجد ذلك؛ فليعلم: أنّه من الله تعالى، فليحمد الله، ومن وجد الأخرى؛ فليتعوّذ بالله من الشّيطان، ثمّ قرأ: {الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ..}. إلخ». أخرجه الترمذيّ، والنّسائي، وغيرهما.

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يخرج رجل شيئا من الصّدقة حتّى يفكّ عنها لحيي سبعين شيطانا». أخرجه الإمام أحمد.

طرفة: يروى: أنّ واعظا ذكر هذا الحديث في مجلس وعظه. فتحمّس أحد السّامعين، وقال: أنا أفك لحيي سبعين شيطانا السّاعة، فذهب إلى بيته، فملأ ذيله من القمح، أو الشعير، فتعلّقت به زوجته، وأخذت تتلتله، وتقول له: الله يساعدنا نحن كذا.. نحن كذا حتى ألقت ما في ذيله في العتبة، فرجع خائبا، فقال له الواعظ: ما لك؟ فقال: غلبت سبعين شيطانا، فجاءت أمّهم، فغلبتني.

هذا؛ والشيطان: اسم يطلق على عدو الله إبليس، وقد يطلق على كلّ نفس عاتية خبيثة، خارجة عن الصراط المستقيم من الإنس، والجن، والحيوان، وما أكثر الشيطان بهذا المعنى من بني آدم، قال تعالى في سورة (الأنعام) رقم [١١٢]: {وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي}

<<  <  ج: ص:  >  >>