للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتحل قتله! فأخبره: فقال: «أكذلك يا أبا يحيى؟!». قال: نعم، والله يا رسول الله! فأنزل الله الاية في المنتحل. وقال ابن زيد-رحمه الله تعالى-: نزلت في المنافقين، كانوا يقولون للنبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه: إن خرجتم، وقاتلتم؛ خرجنا معكم، وقاتلنا. فلما خرجوا؛ نكصوا عنهم، وتخلفوا، وهذا حصل منهم في غزوة أحد، وفي غزوة تبوك، وغيرهما. هذا فيكون نداؤهم بالإيمان على زعمهم، وادعائهم.

هذا؛ وقد حكى الله عنهم مثل ذلك في سورة (النساء) بقوله: {فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ} رقم [٧٧]، وأيضا قوله تعالى في سورة محمد صلّى الله عليه وسلّم: {فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} رقم [٢٠].

{لِمَ:} كلمة مؤلفة من حرف، واسم، فالحرف: اللام الجارة، والاسم: (ما) الاستفهامية، وقد حذفت ألفها، كما تحذف مع كل جار، نحو قوله تعالى في سورة (النازعات):

{فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها} وقوله في سورة (الحجر) رقم [٥٤]: {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ،} وقوله في سورة (النبأ): {عَمَّ يَتَساءَلُونَ،} وكما في الاية التي نحن بصدد شرحها، والاية رقم [٥] الاتية، وذلك للفرق بين الموصولة، والاستفهامية. ويقال: للفرق بين الخبر، والاستخبار، ومن شواهدها الشعرية قول الكميت-وهو الشاهد رقم [٥٥٤] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»، إعراب شواهد مغني اللبيب-: [الطويل] فتلك ولاة السّوء قد طال مكثهم... فحتّام حتّام العناء المطوّل؟

وأيضا قول عمرو بن معد يكرب الزبيدي المذحجي-رضي الله عنه-وهو الشاهد [٢٥٠] من الكتاب المذكور: [الطويل] علام تقول الرمح يثقل عاتقي... إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرّت؟

هذا؛ وقد ثبتت ألفها مع دخول الجار عليها في ضرورة الشعر، ومنه قول حسان بن ثابت-رضي الله عنه-يهجو به رجلا من بني مخزوم، وهو الشاهد رقم [٥٥٦] من الكتاب المذكور: [الوافر] على ما قام يشتمني لئيم... كخنزير تمرّغ في دمان؟

الإعراب: {يا أَيُّهَا:} (يا): أداة نداء تنوب مناب أدعو. (أيها): نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب بأداة النداء، و (ها) حرف تنبيه لا محل له، أقحم للتوكيد، وهو عوض من المضاف إليه، ولا يجوز اعتبار الهاء ضميرا في محل جر بالإضافة؛ لأنه حينئذ يجب نصب المنادى. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع بدلا من لفظ (أيها). {آمَنُوا:}

فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية مع المتعلق

<<  <  ج: ص:  >  >>