للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكافر أعم من لفظ المشرك، فالمراد من الكافرين هنا: اليهود، والنصارى، والمشركون، فلفظ الكافر أليق به، وأما قوله: {وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} فذلك ب‍: {لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ} فلم يقولوها، فلهذا قال: {وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}. انتهى. نقلا من الخطيب.

تنبيه: قال أبو هريرة، والضحاك: هذا (أي: ما ذكر في الاية الكريمة) عند نزول عيسى عليه السّلام. وقال السدي: ذاك عند خروج المهدي، ولا يبقى أحد إلا دخل في الإسلام، وأيد ذلك القرطبي، وذكره الزمخشري بلفظ: قيل. ولا تنس: أن الاية مذكورة بحروفها في سورة (التوبة) برقم [٣٣]، وفي سورة (الفتح) برقم [٢٨].

تنبيه: قال الله تعالى في سورة (النساء) رقم [١٤١]: {فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} في تأويل هذا الجعل أقوال:

أحدها: وهو قول علي، وابن عباس-رضي الله عنهم أجمعين-: أن المراد به في يوم القيامة، بدليل عطفه على ما قبله. الثاني: أن هذا في الدنيا. والمعنى: أن حجة المؤمنين غالبة في الدنيا على الكافرين، وليس لأحد يغلبهم بالحجة. الثالث: معناه: أن الله لن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا بأن يمحو دولة المؤمنين بالكلية حتى يستبيحوا بيضتهم، فلا يبقى أحد من المؤمنين. الرابع: أن شريعة الإسلام باقية إلى يوم القيامة، لا تتغلب عليها شريعة ما. ويتفرع على هذا مسائل، منها: أن الكافر لا يرث المسلم. ومنها: أن الكافر لا يحق له أن يشتري عبدا مسلما. ومنها: أن الكافر لا يتزوج مسلمة. هذا؛ وقد قال الله تعالى في سورة (المائدة) رقم [٥٦]: {فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ} أي: الغالبون بالحجة، والبرهان، فإنها مستمرة أبدا، لا بالدولة، والصولة، وإلا فقد غلب حزب الله غير مرة حتى في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم. قاله الجمل، وغيره، وهو كلام لا غبار عليه.

هذا؛ وقد عدّ محمد علي الصابوني-جزاه الله خيرا-في كتابه: (التبيان في علوم القرآن) من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم الوفاء بالوعد في كل ما أخبر عنه، وكل ما وعد به عباده.

قال: وهذا الوعد ينقسم إلى قسمين: وعد مطلق، ووعد مقيد، فالوعد المطلق كوعده بنصر رسوله، وإخراج الذين أخرجوه من وطنه، ونصر المؤمنين على الكافرين. وقد تحقق ذلك كله.

وذكر مطلع سورة (الفتح) وسورة (النصر) بكاملها، والاية التي نحن بصدد شرحها. ثم قال:

ومن الوعد المطلق قوله جل ثناؤه في سورة (الروم) رقم [٤٧]: {وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} وقد تحقق نصر المؤمنين في مواطن عديدة: في بدر، والأحزاب، وحنين، وغير ذلك من المعارك العظيمة؛ التي شهدها تاريخ الإسلام. وذكر آيات (الأنفال). ثم قال: ومن الوعد المطلق أيضا قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ..}. إلخ الاية هنا، وهي في سورة (التوبة) برقم [٣٣]، وفي سورة (الفتح) برقم [٢٨]، وأيضا قوله تعالى في سورة (غافر) رقم [٥١]: {إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>