خاتمة: هذه الاية أصل في وجوب النفقة على الرجل للمرأة، وعلى الوالد للولد دون الأم، وتجب للولد على الأم عند فقد الأب، أو فقره. وفي البخاري عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:«تقول لك المرأة:
أنفق عليّ وإلا طلّقني، ويقول لك العبد: أنفق عليّ واستعملني، ويقول لك الولد: أنفق عليّ إلى من تكلني». فقد تعاضد القرآن والسنة، وتواردا في شرعة واحدة. انتهى. قرطبي.
{سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} أي: سيجعل الله بعد الفقر الغنى، وبعد الضيق الفرج، وبعد الشدة الرخاء، والسعة. وفيه وعد من الغني الحميد، وبشارة من العزيز الحكيم للفقراء بفتح أبواب الرزق عليهم، كيف لا وقد قال تعالى في سورة (الشرح): {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً}. وقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«لن يغلب عسر يسرين». لذا فالسين هنا تفيد تحقيق الوعد إن شاء الله تعالى، ولا تنس الطباق بين (عسر) و (يسر). هذا؛ وانظر شرح (نفق) في الاية رقم [٧] من سورة (المنافقون)، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
تنبيه: قرأنا في كتب الفقه الشافعية: أن أجرة تداوي المرأة ليست على الزوج، وإنما هي عليها إن كان لها مال؛ وإذا لم يكن لها مال؛ فأجرة التداوي على أهلها، وهذا يتنافى مع الإنسانية، والمروءة، المرأة تكون قوية للزوج، وضعيفة، وسقيمة للأهل.
الإعراب:{لِيُنْفِقْ:} فعل مضارع مجزوم بلام الأمر. {ذُو:} فاعله مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، و {ذُو:} مضاف، و {سَعَةٍ:} مضاف إليه، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. هذا؛ وقرئ بنصبه شاذا على اعتبار اللام للتعليل بعدها «أن» مضمرة، و «أن» المضمرة، والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، التقدير: شرعنا ذلك؛ لإنفاق ذي سعة، وتبقى الجملة مستأنفة، لا محل لها. {مِنْ سَعَتِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة.
{وَمَنْ:}(الواو): حرف استئناف. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {قُدِرَ:} فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط. {عَلَيْهِ:}
متعلقان بما قبلهما. {رِزْقُهُ:} نائب فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة. {فَلْيُنْفِقْ:}(الفاء):
واقعة في جواب الشرط. {لِيُنْفِقْ:} فعل مضارع مجزوم بلام الأمر، والفاعل يعود إلى (من) تقديره: «هو»، والجملة الفعلية في محل جزم جواب الشرط، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه كما رأيت في الاية رقم [١]. هذا؛ وإن اعتبرت (من) اسما موصولا؛ فهو مبتدأ، وجملة:{قُدِرَ..}. إلخ صلته، والجملة الفعلية:{فَلْيُنْفِقْ} في محل رفع خبره، وفيه: أن الجملة الخبرية إنشائية، وكثير من النحاة لا يجيز ذلك، وقد تكلمت عن ذلك مرارا. {مِمّا:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر ب:(من). {آتاهُ:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والهاء مفعول