مغربها». أخرجه مسلم والنسائي. وعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر». رواه ابن ماجه، والترمذي. هذا؛ وقد بين الله تبارك وتعالى في سورة (النساء) رقم [١٧] و [١٨] أن التوبة المقبولة هي أن المسلم يفعل الذنب بجهالة، ثم يتوب من قريب، وليست التوبة للذين يعملون المعاصي، والسيئات، ثم إذا حضر أحدهم الموت؛ قال: إني تبت الآن، ولا الذين يموتون وهم كفار، انظر شرح الآيتين في محلهما.
{عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ:} {عَسى} في حق الله تفيد تحقيق الوقوع، وتأكيده، وليست على بابها من الرجاء. وتكفير السيئات: محوها. هذا؛ وإذا كانت: لعل، وعسى، وسوف في مواعيد الملوك البشرية كالجزم بها، وإنما يطلقونها إظهارا لوقارهم، وإشعارا بأن الرمز منهم كالتصريح من غيرهم، فوعد الله، ووعيده أولى، وآكد من مواعيد جميع ملوك الأرض. {وَيُدْخِلَكُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ:} انظر الآية رقم [١١] من سورة (الطلاق).
{يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} أي: لا يعذبهم، بل يكرمهم، ويعزهم، ويرفع شأنهم يوم القيامة. وفيه تعريض بأهل الكفر، والنفاق بأن الله يعذبهم، ويخزيهم في ذلك اليوم العظيم.
{نُورُهُمْ يَسْعى:} لا أرى حاجة إلى المزيد عما ذكرته في الآية رقم [١٢] من سورة (الحديد) ففيها الغذاء الكافي، والدواء الشافي لقلبك. والله الموفق إلى الصواب، وإليه المرجع والمآب.
الإعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ:} انظر الآية رقم [٦]. {تَوْبَةً:} مفعول مطلق.
{نَصُوحاً:} صفة {تَوْبَةً} إما على المبالغة على أنها نفس المصدر، أو على حذف مضاف، التقدير: توبة ذات نصح. هذا؛ وأجيز اعتباره مفعولا لأجله، أي: لأجل النصح العائد نفعه عليكم. كما أجيز اعتباره مفعولا مطلقا مؤكدا لفعل محذوف، التقدير: تنصحهم نصحا. وعلى كل فهو من الإسناد المجازي، والكلام مبتدأ، أو مستأنف لا محل له. {عَسى:} فعل ماض جامد مبني على الفتح المقدر على الألف. {رَبُّكُمْ:} اسم {عَسى،} والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والمصدر المؤول من: {أَنْ يُكَفِّرَ} في محل نصب خبر {عَسى،} ويجب تحويله إلى اسم فاعل، فيكون المعنى عسى ربكم مكفرا، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {عَنْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما.
{سَيِّئاتِكُمْ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، والكاف في محل جر بالإضافة. {وَيُدْخِلَكُمْ:} الواو: حرف عطف. (يدخلكم):
معطوف على ما قبله منصوب مثله، والفاعل يعود إلى {رَبُّكُمْ،} والكاف مفعول به أول.
{جَنّاتٍ:} مفعول به ثان منصوب مثله... إلخ. {تَجْرِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل. {مِنْ تَحْتِهَا:} متعلقان بما قبلهما، وها: في محل جر بالإضافة.
{الْأَنْهارُ:} فاعل {تَجْرِي،} والجملة الفعلية في محل نصب صفة {جَنّاتٍ}.