للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنت محمد، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون». انتهى جمل نقلا عن الخطيب، والمحفوظ من تتمة الحديث: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام».

{إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ:} وذلك لما تبين لفرعون الخبيث إيمانها أوتد يديها ورجليها بأربعة أوتاد، وألقاها في الشمس، فكانت تعذب في الشمس، فإذا انصرفوا عنها أظلتها الملائكة، فلما سألت بيتا في الجنة كشف الله لها عن بيتها الذي أعده لها. وقيل: إن فرعون الخبيث أمر بصخرة عظيمة لتلقى عليها. فلما أتوها بالصخرة، {قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ} فأبصرت بيتها في الجنة من درة بيضاء، وانتزعت روحها، فألقيت الصخرة على جسد لا روح فيه، ولم تجد ألما.

هذا؛ وقال الزمخشري-رحمه الله تعالى-: فإن قلت: ما معنى الجمع بين {عِنْدَكَ} و {فِي الْجَنَّةِ} قلت: طلبت القرب من رحمة الله، والبعد من عذاب أعدائه، ثم بينت مكان القرب بقولها: {فِي الْجَنَّةِ،} أو أرادت ارتفاع الدرجة في الجنة، وأن تكون جنتها من الجنان التي هي أقرب إلى العرش، وهي جنات المأوى، فعبرت عن القرب إلى العرش بقولها: {عِنْدَكَ}.

انتهى. هذا؛ وقال بعض العلماء: ما أحسن هذا الكلام! فقد اختارت الجار قبل الدار، حيث قالت: {اِبْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ} فهي تطمع في جوار الله قبل طمعها في القصور.

{وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ:} من كفره، وظلمه، وعذابه. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-:

يعني: من جماعه. والمشهور: أن الله حماها منه، وحجبها عنه، فلم يستطع الدخول بها لذا بقيت بكرا حتى توفيت مثل مريم، وكلثوم أخت موسى. هذا؛ وآسية عليهاالسّلام من بني إسرائيل، قيل: إنها عمة موسى. وقيل: بنت عمه، أخذها فرعون قهرا من أهلها، فحماها الله منه، ولكنه أمسكها عنده يتصبب بشبابها، وجمالها. ولله في خلقه شؤون خفيت عن أكثر الخلق.

{وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ:} من القبط كلهم، فإنهم ظالمون. وفيه دليل على أن الاستعاذة بالله، والالتجاء إليه، ومسألة الخلاص منه عند المحن والنوازل من سير الصالحين، وسنن الأنبياء والمرسلين، فموسى عليه السّلام قد حكى القرآن قوله في سورة (الشعراء) رقم [١١٨]:

{فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ،} وموسى وقومه سألوا الله النجاة من القوم الظالمين الكافرين، وقد حكى القرآن قولهم في سورة (يونس) رقم [٨٥] و [٨٦]: {فَقالُوا عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ (٨٥) وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ}.

الإعراب: {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ:} إعراب هذا الكلام مثل إعراب ما قبله بلا فارق. {إِذْ:} ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بقوله {مَثَلاً}. {قالَتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل يعود إلى {اِمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ}. {ضَرَبَ:}

منادى حذف منه أداة النداء منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم

<<  <  ج: ص:  >  >>