للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا:} فإن لم تتركوا الرّبا، وتمتثلوا أمر الله، وأمر رسوله بذلك، وانظر {فَإِنْ لَمْ يُصِبْها} في الآية رقم [٢٦٥]. {فَأْذَنُوا:} فاعلموا، وأيقنوا، ويقرأ: («فآذنوا») بمد الهمزة وكسر الذال، ومعناه: فأعلموا غيركم. والفعل على القراءتين مأخوذ من الأذان، وهو الإعلام في اللّغة. {بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ:} محاربة الله للمرابي في النار يوم القيامة، فعن ابن عبّاس-رضي الله عنهما-. قال: يقال لآكل الرّبا يوم القيامة: خذ سلاحك للحرب، ومحاربة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم له بالسّيف في الدّنيا، وهذا يقتضي أن يقاتل المرابي حتّى ينتهي عن الرّبا، ويعلن توبته، وقتاله كقتال البغاة. يروى: أن أصحاب الرّبا حين نزلت الآية الكريمة؛ قالوا: لا طاقة لنا بحرب الله ورسوله، واكتفوا برءوس أموالهم، وأعلنوا توبتهم. {لا تَظْلِمُونَ:} غرماءكم بأخذ الزيادة على رأس المال. {وَلا تُظْلَمُونَ:} أنتم من قبلهم بالمطل، والنقصان، ويفهم منه: أنهم إن لم يتوبوا؛ فليس لهم رأس مالهم، وهو سديد على ما قلناه؛ إذ المصرّ على التّحليل مرتدّ، وماله فيء. انتهى. بيضاوي.

تنبيه: لم يؤذن الله أحدا بالمحاربة غير آكل الرّبا، والمؤذي لأولياء الله الصّالحين، وخذ ما يلي: فقد روى البخاريّ-رحمه الله تعالى-عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله تعالى قال: من عادى لي وليّا، فقد آذنته بالحرب... إلخ». هذا والولي: هو الذي لم يفعل كبيرة، ولم يصرّ على صغيرة. هذا؛ ويقرأ الفعل: («ما بقي») بسكون الياء، ومثل هذا يرد في الشعر العربي، قال جرير في عبد الملك بن مروان، وهو الشاهد رقم [١١٣٢] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [البسيط]

هو الخليفة فارضوا ما رضي لكمو... ماضي العزيمة ما في حكمه جنف

وقال عمر بن أبي ربيعة، وهو الشاهد رقم [٣٤٧] من الكتاب المذكور: [البسيط]

كم قد ذكرتك لو أجزى بذكركمو... يا أشبه النّاس كلّ النّاس بالقمر

إنّي لأجذل أن أمسي مقابله... حبّا لرؤية من أشبهت في الصّور

الشاهد فيهما تسكين ياء (رضي) وياء (أمسي) مع أنّ الواجب تحريكها بالفتحة. هذا؛ وقرأ الحسن: («ما بقى») بالألف، وهي لغة طيّئ، ومنه قول الشاعر: [الطويل]

لعمرك لا أخشى التّصعلك ما بقى... على الأرض قيسيّ يسوق الأباعرا

الإعراب: {فَإِنْ:} الفاء: حرف استئناف، وقيل: حرف عطف. (إن): حرف شرط جازم.

{لَمْ:} حرف نفي، وقلب، وجزم. {تَفْعَلُوا:} فعل مضارع مجزوم بلم، وعلامة جزمه حذف النون... إلخ وهو في محل جزم فعل الشرط، والواو فاعله، والألف للتفريق، والمفعول محذوف، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>