للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلّى الله عليه وسلّم، وأمانته فيما بلغه إليهم، أو يبلغه. ومفاد هذا القول من الناحية التقريرية: أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم صادق فيما بلغهم، وأنه لو تقول بعض الأقاويل، التي لم يوح بها إليه؛ لأخذه الله، فقتله على هذا النحو الذي وصفته الآيات، ولما كان هذا لم يقع، فهو صلّى الله عليه وسلّم لا بدّ صادق. انتهى.

ولقد اشتهر الرسول صلّى الله عليه وسلّم منذ الصغر بالصدق، والأمانة؛ حتى كان المشركون يسمونه:

الصادق الأمين، فيقولون: جاء الصادق الأمين. وذهب الصادق الأمين، وهكذا كان النبي الكريم قبل البعثة علما بين قريش في صدقه، وأمانته، وعلو مكانته.

روي: أن رجلا من سادات قريش لقي أبا جهل في أحد طرق مكة، فاستوقفه، ثم قال له:

يا أبا الحكم! ليس هنا أحد غيرك وغيري، أنشدك بالله هل محمد صادق أم كاذب؟! فأجابه أبو جهل بكل صراحة: والله إن محمدا صادق، وما كذب قط! فقال: فما يمنعكم من اتباعه؟! فقال أبو جهل: تنافسنا نحن وبنو هاشم، وتنازعنا الزعامة، والفخر، أطعموا، فأطعمنا، وسقوا، فسقينا، وأجاروا، فأجرنا، حتى كنا كفرسي رهان، ثم زادوا علينا، فقالوا: بعث منا نبي، فمن أين نأتيهم بنبي؟ والله نؤمن به، ولا نتبعه. وفي هذا أنزل الله جل ثناؤه تسلية لنبيه صلّى الله عليه وسلّم في سورة (الأنعام) [٣٣]: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ} انظر شرحها هناك.

وحين سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان قبل إسلامه عن أمر محمد صلّى الله عليه وسلّم: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال أبو سفيان: ما عرفنا عليه كذبا قط. فأجابه هرقل بقوله: ما كان ليدع الكذب على الناس، ويكذب على الله! وهذا لعمر الحق هو المنطق السديد والقول الحميد!.

الإعراب: {تَنْزِيلٌ:} خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هو تنزيل، أو هذا تنزيل. {مِنْ رَبِّ:}

متعلقان به؛ لأنه مصدر، و {رَبِّ} مضاف، و {الْعالَمِينَ} مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والنون عوض من التنوين في الاسم المفرد. {وَلَوْ:} (الواو): حرف استئناف، وقيل:

حرف عطف، والأول أقوى. (لو): حرف لما كان سيقع لوقوع غيره. {تَقَوَّلَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى {رَسُولٍ كَرِيمٍ} تقديره: «هو». وقال أبو حيان: يعود على المتقول المضمر وليس عائدا على الرسول صلّى الله عليه وسلّم لاستحالة وقوع ذلك منه. {عَلَيْنا:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {بَعْضَ:} مفعول به، وقيل: نائب مفعول مطلق، ولا وجه له. وهو مضاف، و {الْأَقاوِيلِ} مضاف إليه، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {لَأَخَذْنا:} (اللام): واقعة في جواب (لو). (أخذنا): فعل، وفاعل. {مِنْهُ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به. {بِالْيَمِينِ:} متعلقان بما قبلهما

<<  <  ج: ص:  >  >>