للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: معناه: إنا خلقناهم من أجل ما يعلمون، وهو: الأمر، والنهي، والثواب، والعقاب.

{فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ:} هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (البقرة) رقم [١١٥]: {وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} فالمراد بهما: ناحيتا الأرض، وله سبحانه الأرض كلها، لا يختص به مكان، دون مكان، وقال تعالى في سورة (الرحمن) رقم [١٧]: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} وقال هنا: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ} فقد جمع المشرق، والمغرب، كما ترى باعتبار مشارق الشمس، ومغاربها في السنة، وهي ثلاثمئة وخمس وستون كوة في مطلعها، ومثلها في مغربها على عدد أيام السنة الشمسية، تطلع كل يوم في كوة منها، وتغرب في كوة، ولا تطلع، ولا تغرب في تلك الكوة إلا في ذلك اليوم من العام المقبل، قال أمية بن أبي الصلت-الذي قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيه:

«آمن شعره، وكفر قلبه» -. [الكامل]

رجل وثور تحت رجل يمينه... والنسر للأخرى وليث مرصد

والشّمس تطلع كلّ آخر ليلة... حمراء يصبح لونها يتورّد

ليست بطالعة لهم في رسلها... إلاّ معذّبة وإلاّ تجلد

قال عكرمة: قلت لابن عباس: يا مولاي! أتجلد الشمس؟ فقال: إنما اضطره الروي إلى الجلد. لكنها تخاف العقاب. انتهى. قرطبي. وانظر سورة (المزمل) رقم [٩] لشرح المشرق والمغرب.

{إِنّا لَقادِرُونَ (٤٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ} المعنى: إنا لقادرون على إهلاكهم، وعلى أن نخلق أمثل منهم، وأطوع لنا، وهي كقوله تعالى في سورة (محمد صلّى الله عليه وسلّم) رقم [٣٨]: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ}. {وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} أي: لا يفوتنا شيء نريده، ولا يمتنع منا أحد مهما أوتي من القوة، والجاه، والعظمة، والسلطان في الدنيا. أو المعنى: وما نحن بمغلوبين عاجزين عن إهلاكهم، وإبدالهم بأمثالهم. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {كَلاّ:} حرف ردع، وزجر. {إِنّا:} حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليه. {خَلَقْناهُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية تعليل للردع، والزجر، لا محل لها. {مِمّا:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة فهي مبنية على السكون في محل جر ب‍: (من)، والجملة بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف. التقدير:

من الذي، أو شيء يعلمونه. {فَلا أُقْسِمُ:} انظر الآية رقم [٣٨] من سورة (الحاقة)، فالإعراب واحد، لا يتغير. {بِرَبِّ:} متعلقان بما قبلهما، و (ربّ) مضاف، و {الْمَشارِقِ} مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {وَالْمَغارِبِ:} معطوف على ما قبله. {إِنّا:} (إنّ):

<<  <  ج: ص:  >  >>