وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: صارت الأوثان، التي كانت تعبد قوم نوح في العرب بعد، أما ود؛ فهو أول صنم عبد من دون الله، وكان في العرب لقبيلة بني كلب بدومة الجندل، وفيه يقول شاعرهم:[البسيط]
حيّاك ودّ فإنّا لا يحلّ لنا... لهو النّساء وإنّ الدّين قد عزما
وأما سواع؛ فكان لهذيل بساحل البحر. وأما يغوث؛ فكان لغطيف من مراد بالجوف من سبأ. وأما يعوق؛ فكان لهمدان في اليمن، وفيه يقول مالك بن نمط الهمداني:[الوافر]
يريش الله في الدنيا ويبري... ولا يبري يعوق ولا يريش
وأما نسر؛ فكان لذي الكلاع من حمير. وكانت للعرب أصنام أخر، فاللات كانت لثقيف، والعزى كانت لسليم، وغطفان، وجشم، ومناة كانت لخزاعة بقديد، وأساف، ونائلة، وهبل كانت لأهل مكة، ولذلك سمّت العرب أنفسهم ب: عبد ودّ، وعبد يغوث، وعبد العزى، وعبد مناة، ونحو ذلك من الأسماء.
هذا؛ وأساف اسم رجل، ونائلة اسم امرأة، كلاهما من قبيلة جرهم، قد خلا أساف بنائلة في جوف الكعبة، وزنى بها، فمسخهما الله حجرين، فأصبح الناس، فوجدوهما داخل الكعبة حجرين، فوضعوا أحدهما على الصفا، والثاني على المروة للاعتبار، والاتعاظ، ثم زين الشيطان لأحفاد الأولين عبادتهما. وقيل: كان أساف بحيال الحجر الأسود، ونائلة بحيال الركن اليماني، وهبل في جوف الكعبة.
الإعراب:{وَقالُوا:} الواو: حرف عطف. (قالوا): فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {لا:} ناهية جازمة. {تَذَرُنَّ:} فعل مضارع مجزوم ب: {لا} وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، وواو الجماعة المحذوفة المدلول عليها بالضمة فاعله، والنون للتوكيد حرف لا محل له، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، وجملة:
{وَقالُوا..}. إلخ معطوفة على جملة:{لَمْ يَزِدْهُ..}. إلخ لا محل لها مثلها. {آلِهَتَكُمْ:} مفعول به، والكاف في محل جر بالإضافة، وجملة:{وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا} معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، والأسماء الأربعة معطوفة على {وَدًّا،} و {يَغُوثَ} و (يعوق) ممنوعان من الصرف للعلمية، ووزن الفعل إن كانا عربيين، وللعلمية والعجمة إن كانا أعجميين. وقرأ الأعمش بصرفهما: «(ولا يغوثا ويعوقا)» لأمرين: أحدهما أنه صرفهما للتناسب؛ إذ قبلهما اسمان منصرفان، وبعدهما اسم منصرف، كما صرف (سلاسل) في سورة (الدهر) رقم [٤]. والثاني:
أنه جاء على لغة من يصرف غير المنصرف مطلقا، وهي لغة حكاها الكسائي. انتهى. جمل نقلا عن السمين. ولم تذكر (لا) مع الأسماء الثلاثة لكثرة التكرار، وعدم اللبس.