للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت الكواكب يرمى بها قبل ذلك، وهذا هو الذي حملهم على تطلب السبب، فأخذوا يضربون مشارق الأرض، ومغاربها، فرأوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقرأ بأصحابه في الصلاة، فعرفوا: أن هذا هو الذي حفظت السماء من أجله، فدنوا منه حرصا على سماع القرآن، ثم أسلموا.

هذا؛ ولا شك: أنه لما حدث هذا الأمر، وهو كثرة الشهب في السماء، والرمي بها؛ هال ذلك الإنس، والجن، وانزعجوا له، وظنوا: أن ذلك لخراب العالم، فأتوا إبليس، فحدثوه بالذي كان من أمرهم، فقال: ائتوني من كل أرض بقبضة من تراب أشمها، فأتوه، فشمها، فقال: صاحبكم بمكة، فبعث سبعة نفر من جن نصيبين، فقدموا مكة، فوجدوا النبي صلّى الله عليه وسلّم قائما يصلي بأصحابه. ولا تنس ما ذكرته لك: أن الرمي كان في الجاهلية قبل الإسلام، فلما بعث النبي صلّى الله عليه وسلّم زيد فيه زيادة لفتت نظر الإنس، والجن إلى ذلك، والله أعلم بمراده.

هذا؛ والإرادة: نزوع النفس، وميلها إلى الفعل بحيث يحملها عليه. ويقال للقوة التي هي مبدأ النزوع. والأول مع الفعل، والثاني قبله، وكلا المعنيين غير متصور اتصاف الباري تعالى به، ولذا اختلف في معنى إرادته سبحانه وتعالى، فقيل: إرادته لأفعاله: أنه غير ساه، ولا مكره، ولأفعال غيره أمره بها، فعلى هذا لم تكن المعاصي بإرادته. وقيل: علمه باشتمال الأمر على النظام الأكمل، والوجه الأصلح، وهذا الأخير هو المقبول؛ لأن الله تعالى لا يأمر بالفحشاء، ولا يرضى لعباده الكفر. هذا؛ ولم يرد لفعل الإرادة، ولا لفعل المشيئة أمر فيما أعلم، فهما ناقصا التصرف، وقد كثر حذف مفعول هذين الفعلين حتى لا يكاد ينطق به إلا في الشيء المستغرب، مثل هذه الآية، وقوله تعالى: {لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنّا} رقم [١٧] من سورة (الأنبياء)، وقال الشاعر الخزيمي: [الطويل]

فلو شئت أن أبكي دما لبكيته... عليه ولكن ساحة الصّبر أوسع

وقيد بعضهم حذف مفعول هذين الفعلين بعد «لو»، وليس كذلك.

الإعراب: {وَأَنّا:} الواو: حرف عطف. (أنّ): حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها. {لا:}

نافية. {نَدْرِي:} فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر وجوبا، تقديره: «نحن»، وهو معلق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام. {أَشَرٌّ:} الهمزة: حرف استفهام. (شر): أجيز فيه وجهان: أحسنهما الرفع على أنه نائب فاعل بفعل محذوف، التقدير:

أأريد شر؟ والثاني: أنه مبتدأ سوغ الابتداء به، وهو نكرة تقدم الاستفهام عليه. {أُرِيدَ:} فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى (شر)، والجملة الفعلية مفسرة على الوجه الأول ب‍: (شرّ)، وفي محل رفع خبره على الوجه الثاني فيه. {بِمَنْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {فِي الْأَرْضِ:} متعلقان بمحذوف صلة الموصول. {أَمْ:} حرف عطف. {أَرادَ:} فعل ماض. {بِهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {رَبُّهُمْ:} فاعل (أراد)، والهاء في محل جر

<<  <  ج: ص:  >  >>