قال المفسرون: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم، كلما خوف الكافرين نار جهنم، وحذرهم أهوال الساعة؛ أظهروا الاستخفاف بقوله، وسألوه متى هذا العذاب؟! ومتى تقوم الساعة؟! فأمره الله تعالى أن يقول لهم: لا أدري وقت ذلك، هل هو قريب، أم بعيد؟ وقيل: المستهزئ والسائل العذاب هو النضر بن الحارث، وكان هذا شأنه، وقد أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم بقتله صبرا حينما وقع أسيرا بأيدي المسلمين في غزوة بدر. انظر ما ذكرته في سورة (الأنفال) رقم [٣٢].
قال الزمخشري-رحمه الله تعالى-: فإن قلت: ما معنى قوله تعالى: {أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً} والأمد يكون قريبا، وبعيدا، ألا ترى إلى قوله تعالى:{تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً} رقم [٣٠] من سورة (آل عمران)؟ قلت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يستقرب الموعد، فكأنه قال: ما أدري أهو حال متوقع في كل ساعة، أم مؤجل ضربت له غاية؟. انتهى.
وفي الخطيب: فإن قيل: أليس أنه صلّى الله عليه وسلّم قال: «بعثت أنا والساعة كهاتين». فكان عالما بقرب وقوع القيامة، فكيف قال هاهنا: لا أدري أقريب أم بعيد... إلخ؟!. أجيب بأن المراد بقرب وقوع الذي علمه هو: أن ما بقي من الدنيا أقل مما انقضى، فهذا القدر من القرب معلوم، وأما معرفة مقدار القرب؛ فغير معلوم. انتهى. جمل.
الإعراب:{قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره:«أنت». {إِنْ:} حرف نفي بمعنى:
«ما». {أَدْرِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره:«أنا»، وهو معلق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام. {أَقَرِيبٌ:} الهمزة: حرف استفهام. (قريب): خبر مقدم. {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر، وأجيز اعتبارها مصدرية، وهو ضعيف، ويجوز اعتبار (قريب) مبتدأ، و {ما} فاعلا به سادا مسد الخبر لاعتماد الوصف على الاستفهام، والجملة الاسمية في محل نصب سدت مسد مفعولي أدري المعلق عن العمل لفظا بهمزة الاستفهام، والجملة الفعلية:{إِنْ أَدْرِي..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وانظر مثل هذه الجملة في الآية رقم [١٠٩] من سورة (الأنبياء)، معنى، ومحلا، وإعرابا. {أَمْ:} حرف عطف. {يَجْعَلُ:} فعل مضارع. {لَهُ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {أَمَداً،} كان صفة له، فلما قدم عليه؛ صار حالا، وبعضهم يعتبر الجار والمجرور في محل نصب مفعول به ثان. {رَبِّي:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {أَمَداً:} مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على جملة:{إِنْ أَدْرِي..}. إلخ فهي في محل نصب مقول القول، وجملة:{قُلْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.