هذا؛ ونقل عن علقمة بن قيس-رضي الله عنه-قوله: ما في القرآن: {يا أَيُّهَا النّاسُ} فهو خطاب لأهل مكة، وما فيه:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فهو خطاب لأهل المدينة. انتهى.
ولكن إذا علمت أنّ تعاليم القرآن وأحكامه صالحة لكلّ زمان ومكان إلى يوم القيامة؛ علمت أنّ النّداءين لا يتقيّدان بزمان، ولا بمكان. كيف لا وقد علمت: أن سورة (البقرة) مدنيّة، وأيضا سورة (النّساء) وسورة (المائدة) وفيهنّ من لفظ: {يا أَيُّهَا النّاسُ} الكثير؟!.
فائدة: وفي السمين ما نصّه: وإذا ورد «لعلّ» في كلام الله تعالى، فللناس فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن «لعلّ» على بابها من الترجي، والإطماع، ولكن بالنسبة إلى المخاطبين، أي: لعلكم تتقون على رجائكم، وطمعكم. وكذلك قال سيبويه في قوله تعالى:{لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} أي: اذهبا على رجائكما. والثاني: أنّها للتقليل؛ أي: اعبدوا ربكم لكي تتقوا، وبه قال قطرب، والطّبريّ، وغيرهما. والثالث: أنّها للتعرّض للشيء، كأنه قيل: افعلوا ذلك متعرّضين لأن تتقوا. انتهى.
جمل. وقريب منه في القرطبيّ.
هذا ولا تنس ما ذكرته من القول: والترجّي في هذه الآية وأمثالها إنما هو بحسب عقول البشر؛ لأنّ الله تعالى لا يحصل منه ترجّ ورجاء لعباده، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، ذكرت هذا فيما صدر لنا كثيرا، وهذا أشمل، وأخصر، والله ولي التوفيق. والترجّي في هذه الآية، ونحوها إطماع من ربّ كريم، فيجري مجرى وعده المحتوم وفاؤه، وأصل {تَتَّقُونَ:} توتقيون، فأبدل من الواو تاء، ثم أدغمت التاء في التاء، وسكنت الياء بعد حذف ضمّتها، ثم حذفت لالتقاء الساكنين، فصار:«تَتَّقُونَ»، ثم قلبت الكسرة ضمة لمناسبة الواو.
الإعراب:({يا}): حرف نداء ينوب مناب: أدعو، أو أنادي. ({أَيُّهَا}): نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب ب (يا) و «ها»: حرف تنبيه لا محل له من الإعراب، وأقحم للتوكيد، وهو عوض من المضاف إليه، ولا يقال: ضمير في محل جر بالإضافة، لأنه يجب حينئذ نصب المنادى. {النّاسُ:} بعضهم يعرب هذا وأمثاله: نعتا، وبعضهم يعربه بدلا، والقول الفصل: أنّ الاسم الواقع بعد أي، واسم الإشارة، إن كان مشتقا؛ فهو نعت، وإن كان جامدا كما هنا؛ فهو بدل، أو عطف بيان، والمتبوع، أعني:(أيّ) منصوب محلاّ، وكذا التابع، أعني:{النّاسُ} فهو