الحروف، فلم يتصرفا، وفيهما أربع لغات: نعم، وبئس بكسر فسكون، وهي أفصحن، وهي لغة القرآن، ثم: نعم، وبئس بكسر أولهما، وثانيهما، غير أن الغالب في نعم أن يجيء بعدها (ما) كقوله تعالى في سورة (النساء) رقم [٥٨]: {إِنَّ اللهَ نِعِمّا يَعِظُكُمْ بِهِ،} وقوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٢٧١]: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمّا هِيَ}. وبئس جاءت بعدها (ما) على اللغة الفصحى، كقوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٩٠]: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} وقد تكرر هذا التركيب في القرآن كثيرا. واللغة الثالثة: نعم وبئس بفتح فسكون، والرابعة نعم وبئس بفتح فكسر، وهي الأصل فيهما.
ولا بد لهما من شيئين: فاعل، ومخصوص بالمدح، أو الذم، ويشترط في الفاعل أن يكون مقرونا ب:«أل»، كما في قوله تعالى:{نِعْمَ الْعَبْدُ،} أو مضافا لمقترن بها، كما في قوله تعالى:
{فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ} والقول بفعليتهما إنما هو قول البصريين، والكسائي بدليل دخول تاء التأنيث عليهما في قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«من توضّأ يوم الجمعة؛ فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل». وقال الكوفيون إلا الكسائي: هما اسمان بدليل دخول حرف الجر عليهما في قول أعرابي. وقد أخبر بأن امرأته ولدت بنتا له:«والله ما هي بنعم الولد، نصرها بكاء، وبرّها سرقة». وقول غيره:«نعم السّير على بئس العير». وأوله البصريون على حذف كلام مقدر؛ إذ التقدير: والله ما هي بولد مقول فيه: نعم الولد! ونعم السير على عير مقول فيه: بئس العير! والمعتمد في ذلك قول البصريين، ويلزم الكوفيين جر الولد، والعير بسبب الإضافة. والرواية بالرفع لا غير.
الإعراب:{أَلَمْ:} الهمزة: حرف استفهام وتقدير. (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم.
{نَخْلُقْكُمْ:} فعل مضارع مجزوم ب: (لم)، والفاعل مستتر تقديره:«نحن»، والكاف مفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {مِنْ ماءٍ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {مَهِينٍ:}
صفة {ماءٍ}. {فَجَعَلْناهُ:} الفاء: حرف عطف. (جعلناه): فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {فِي قَرارٍ:} متعلقان بما قبلهما، وهما في محل المفعول الثاني له. {مَكِينٍ:} صفة (قرار). {إِلى قَدَرٍ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الضمير المنصوب؛ أي: مؤخرا إلى {قَدَرٍ}. {مَعْلُومٍ:} صفة {قَدَرٍ}. {فَقَدَرْنا:}
الفاء: حرف عطف. (قدرنا): فعل، وفاعل، ومفعوله محذوف. التقدير: قدرنا ذلك تقديرا، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا. {فَنِعْمَ:} الفاء: حرف عطف.
(نعم): فعل ماض لإنشاء المدح. {الْقادِرُونَ:} فاعله مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض من التنوين في الاسم المفرد، والمخصوص بالمدح محذوف، التقدير: الممدوحون: نحن، والكلام معطوف على ما قبله، لا محل له مثله.