للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أوضح الأدلة على وجود الله، وواحدانيته، واستقلاله بملكهما، وتصرفهما. هذا؛ ولم يقل بينهن، مع أن السموات سبع، والأرضين سبع؛ لأنه أراد ما بين الصنفين، أو النوعين، أو الشيئين، كقول القطامي: [الوافر]

ألم يحزنك أنّ حبال قيس... وتغلب قد تباينتا انقطاعا

أراد: وحبال تغلب، فثنى، والحبال جمع، فثناهما؛ لأنه أراد الشيئين، أو النوعين، أو ثناهما على تأويلهما بالجماعة. قال الشاعر يذم عاملا على الصدقات: [البسيط]

سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا... فكيف لو قد سعى عمرو عقالين؟

لأصبح النّاس أوبادا ولم يجدوا... عند التّفرّق في الهيجا جمالين

فقد ثنى جمالا؛ الذي هو جمع جمل. والعقال: صدقة عام، والسّبد: المال القليل.

واللبد: المال الكثير. وأوبادا: هلكى، جمع: وبد، فهو يقول: صار عمرو عاملا على الصدقات في سنة واحدة، فظلم، وأخذ أموال الناس بغير حق؛ حتى لم يبق لنا إلا شيء قليل من المال، فكيف تكون حالنا، أو كيف يبقى لأحد شيء لو صار عمرو عاملا في زكاة عامين؟! ثم أقسم فقال: والله لو صار عمرو عاملا سنتين؛ لصارت القبيلة هلكى! فلا يكون لهم عند التفرق في الحرب جمالان، فيختل أمر الغزوات.

{لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً} أي: لا يملكون أن يسألوه إلا فيما أذن لهم فيه. وقيل: الخطاب:

الكلام؛ أي: لا يملكون أن يخاطبوا الرب سبحانه إلا بإذنه، دليله قوله تعالى في سورة (هود) على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام: {وَما نُؤَخِّرُهُ إِلاّ لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (١٠٤) يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاّ بِإِذْنِهِ} وقيل: أراد الكفار {لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً} أي: شفاعة، فأما المؤمنون فيشفعون، ولكن لا يكون هذا إلا بعد أن يؤذن لهم، تحقيقا لقوله تعالى في آية الكرسي رقم [٢٥٤] من سورة (البقرة): {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ،} وقوله تعالى في سورة (طه) رقم {يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً}.

الإعراب: {رَبِّ:} بدل من {رَبِّكَ،} وهو مضاف، و {السَّماواتِ} مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله، وفاعله مستتر فيه: {وَالْأَرْضِ:} الواو: حرف عطف. {وَالْأَرْضِ:}

معطوف على ما قبله. (ما): اسم موصول مبني على السكون في محل جر معطوف على {السَّماواتِ وَالْأَرْضِ}. {بَيْنَهُمَا:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول، والهاء في محل جر بالإضافة، والميم، والألف حرفان دالان على التثنية. {الرَّحْمنِ:} بدل من (رب) الأول، أو من الثاني. {لا:} نافية، {يَمْلِكُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من المضاف المحذوف؛ إذ التقدير: أهل السموات، والأرض. والرابط:

<<  <  ج: ص:  >  >>