أهذا صحيح أم لا؟ أي: فكرت بما ذكر. انتهى. جرجاوي، وينبغي أن تعلم أن الفعل أدراك هنا معلق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام بعده، والكوفيون يجرون الترجي مجرى الاستفهام في التعليق، إلا أن النحويين لم يعدوا «لعل» من المعلقات، والحق مع الكوفيين، وهو ظاهر في قوله تعالى في سورة (عبس): {وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكّى،} وقوله جل شأنه: {وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً} سورة (الأحزاب) رقم [٦٣] فإن كان «درى» بمعنى: «ختل»؛ أي: خدع كان متعديا إلى واحد بنفسه، مثل دريت الصيد؛ أي: ختلته، وخدعته. قال الأخطل التغلبي:[الطويل]
فإن كنت قد أقصدتني إذ رميتني... بسهمك فالرّامي يصيد ولا يدري
أي: يصيد، ولا يختل. ومثله قول الآخر:[الطويل]
فإن كنت لا أدري الظّباء فإنني... أدسّ لها تحت التراب الدّواهيا
أي: لا أختل، وإن كانت بمعنى: حك، مثل: درى رأسه بالمدرى؛ أي: حك رأسه بالمشط؛ فهو كذلك. هذا؛ وانظر شرح اليوم في الآية رقم [٩] من سورة (المدثر). هذا؛ و {يَوْمُ الدِّينِ} يوم الدينونة، والحساب، والجزاء. والدّين (بكسر الدال): اسم لجميع ما يتعبد به الله تعالى، والدّين أيضا: الملة، والشريعة. ومن هذا قوله تعالى:{ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} رقم [٧٦] من سورة (يوسف) على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. و {يَوْمُ الدِّينِ:}
يوم الحساب، والجزاء، وهو ما في الآية الكريمة التي نحن بصدد شرحها، ومنه: كما تدين تدان؛ أي: كما تفعل؛ تجازى. وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: يوم الدين يوم حساب الخلائق، يدينهم بأعمالهم، إن خيرا؛ فخير، وإن شرا؛ فشرّ؛ إلا من عفا الله عنه، والأمر أمره، ثم قرأ:{أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ}. هذا؛ والدّين بفتح الدال القرض المؤجل، وجمع الأول: أديان، وجمع الثاني: ديون، وأدين. هذا؛ والدينونة: القضاء، والحساب. والديانة اسم لجميع ما يتعبد به الله تعالى. هذا؛ والدين: العادة، والعمل، ومنه قول الشاعر:[الوافر]
تقول إذا أدرت لها وضيني... فهذا دينها أبدا وديني
الإعراب:{وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {أَدْراكَ:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى (ما)، تقديره:«هو»، والكاف مفعول به أول. {ما يَوْمُ:} مبتدأ، وخبر، والجملة الاسمية في محل نصب سدت مسد مفعول:{أَدْراكَ} الثاني المعلق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام. وقال زاده: في محل نصب سدت مسد المفعول الثاني، والثالث؛ لأنه بمعنى: أعلم، و {يَوْمُ} مضاف، و {الدِّينِ} مضاف إليه، وجملة:{أَدْراكَ..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ. والجملة الاسمية:(ما أدراك...) إلخ مستأنفة، لا محل لها، والتي بعدها معطوفة عليها، لا محل لها