وأصل البروج: الظهور، ومنه تبرج المرأة بإظهار زينتها، وهذه البروج تنزلها الشمس في مسيرها، وهذه البروج مقسومة على ثمانية وعشرين منزلا، لكل برج منزلان، وثلث منزل، وهذه البروج الاثنا عشر مقسمة على فصول السنة كما يلي: فللربيع: الحمل، والثور، والجوزاء. وللصيف:
السرطان، والأسد، والسنبلة. وللخريف: الميزان، والعقرب، والقوس. وللشتاء: الجدي، والدلو، والحوت. وانظر منازل القمر في الآية رقم [٣٩] من سورة (يس) تجد ما يسرك.
{وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ} أي: يوم القيامة من غير اختلاف بين أهل التأويل. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: وعد أهل السماء وأهل الأرض أن يجتمعوا فيه. قال تعالى: {اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ} الآية رقم [٨٧] من سورة (النساء).
{وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ:} اختلف فيهما اختلافا كبيرا: فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اليوم الموعود يوم القيامة، والمشهود يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة، ما طلعت الشمس، ولا غربت على يوم أفضل من يوم الجمعة، فيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يدعو الله بخير؛ إلا استجاب الله له، ولا يستعيذ من شرّ؛ إلا أعاذه الله منه». أخرجه الترمذي، وضعف أحد رواته من قبل حفظه. وهذا قول ابن عباس، والأكثرين: أن الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة.
وقيل: الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم النحر. وقيل: الشاهد يوم التروية، والمشهود يوم عرفة. وإنما حسن القسم بهذه الأيام، لعظمها، وشرفها، واجتماع المسلمين فيها. وقيل:
الشاهد هو الله، والمشهود يوم القيامة. وقيل: الشاهد هم الأنبياء، والمشهود عليهم هم الأمم.
وقيل: الشاهد هو الملك، والمشهود عليه هو آدم، وذريته. وقيل: الشاهد هذه الأمة، ونبيها صلّى الله عليه وسلّم، والمشهود عليهم هم الأمم المتقدمة. وقيل: الشاهد الأنبياء، والمشهود له هو محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن الأنبياء قد شهدوا له بالنبوة.
هذا؛ وكذلك سائر الأيام، والليالي، فكل يوم شاهد، وكذا كل ليلة، ودليله ما رواه أبو نعيم الحافظ عن معاوية بن قرة، عن معقل بن يسار-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ليس من يوم يأتي على العبد إلاّ ينادي فيه: يابن آدم! أنا خلق جديد، وأنا فيما تعمل عليك شهيد، فاعمل فيّ خيرا؛ أشهد لك به غدا، فإنّي لو قد مضيت؛ لم ترني أبدا، ويقول الليل مثل ذلك». انتهى. قرطبي.
الإعراب: {وَالسَّماءِ:} جار ومجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. {ذاتِ:} صفة (السماء)، و {ذاتِ} مضاف، و {الْبُرُوجِ} مضاف إليه. {وَالْيَوْمِ:} الواو: حرف عطف. (اليوم):
معطوف على (السماء). {الْمَوْعُودِ:} صفة (اليوم) وهناك ضمير محذوف به تتم الصفة، التقدير:
الموعود به، ولولا ذلك ما صحت الصفة. مكي. {وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ:} معطوفان على ما قبلهما، وجواب القسم ما يأتي.