للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ} هذا؛ ويسمى الصائغ: الفتان، وكذلك الشيطان، وورق فتين:

أي: فضة محترقة. وانظر سورة (الصافات) رقم [١٦٢]. {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} أي: من قبيح صنيعهم مع ما أظهره الله لهذا الملك الجبار الظالم، وقومه من الآيات البينات على يدي الغلام. وفيه دليل واضح على أنهم لو تابوا، وآمنوا؛ قبل منهم، ويخرجون من هذا الوعيد، وأن الله تعالى يقبل منهم التوبة، وأن توبة القاتل مقبولة.

قال الرازي: ويحتمل أن يكون المراد كل من فعل ذلك. قال: وهذا أولى؛ لأن اللفظ عام، والحكم بالتخصيص ترك الظاهر من غير دليل. ولما كانت التوبة مقبولة قبل الغرغرة، ولو طال الزمان، عبر سبحانه بأداة التراخي. فقال: {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا}.

{فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ:} بسبب كفرهم. {وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ:} بما أحرقوا المؤمنين. وقيل: لهم عذاب الحريق في الدنيا، وذلك: أن الله أحرقهم بالنار؛ التي أحرقوا فيها المؤمنين، ارتفعت إليهم من الأخدود، فأحرقتهم، ولهم عذاب جهنم في الآخرة.

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم {إِنَّ،} والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {الْمُؤْمِنِينَ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ. {وَالْمُؤْمِناتِ:} الواو: حرف عطف. (المؤمنات): معطوف على ما قبله منصوب مثله، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم.

{ثُمَّ:} حرف عطف. {لَمْ:} حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَتُوبُوا:} فعل مضارع مجزوم ب‍: {لَمْ} والواو فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها.

(لهم): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {عَذابُ:} مبتدأ مؤخر، و {عَذابُ} مضاف، و {جَهَنَّمَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة، والجملة الاسمية في محل رفع خبر {إِنَّ} والتي بعدها معطوفة عليها، فهي في محل رفع مثلها، ودخلت الفاء على الخبر؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم، فهي هنا صلة. قال البيضاوي: ومنع سيبويه إدخال الفاء في خبر (إنّ) كليت، ولعل، ولم يتعرض ابن هشام-رحمه الله تعالى-لدخول الفاء على خبر (إنّ)، أو إحدى أخواتها والذي تعرض لذلك الأشموني-رحمه الله تعالى-حيث قال: وإذا دخل شيء من نواسخ الابتداء على المبتدأ الذي اقترن خبره بالفاء أزال الفاء، إن لم يكن إنّ، أو أنّ، أو لكنّ بإجماع المحققين، فإن كان الناسخ: إنّ، أو أنّ، أو لكنّ جاز بقاء الفاء. نص على ذلك في (إنّ) و (أنّ) سيبويه، وهو الصحيح الذي ورد نص القرآن المجيد به، وأورد آيات كثيرة من جملتها الآية التي نحن بصدد شرحها، فأنت ترى أن البيضاوي-رحمه الله تعالى-قد نقل عن سيبويه عكس ما ذكره الأشموني، والمنقول عن الأخفش-رحمه الله تعالى-أنه هو الذي منع دخول الفاء الزائدة على

<<  <  ج: ص:  >  >>