للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا على الخسف مربوط برمّته... وذا يشجّ فلا يرثي له أحد

وأهل نجد يسكنون التاء، فيدغمونها بعد قلبها دالا بالدال الثانية، فيبقى: ودّ، وهي لغة العامة الشائعة، ووتدت الوتد، أتده وتدا من باب: وعد: أثبته بحائط، أو بالأرض، وأوتدته لغة. انتهى. من المصباح.

{الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ:} تمردوا وعتوا وتجاوزوا الحد في الظلم والعدوان، والضمير يعود إلى عاد وثمود وفرعون. وقيل: يعود إلى فرعون وجنوده، والأول أولى بالاعتبار. {فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ} أي: الظلم والاعتداء والجور والأذى مع الكفر، والتعالي في الأرض، والفساد ضد الصلاح، فكما أن الصلاح يتناول جميع أقسام البر، فكذلك الفساد يتناول جميع أقسام الإثم.

{فَصَبَّ عَلَيْهِمْ} أي: أفرغ عليهم، وألقى، وأنزل بهم {رَبُّكَ} يقال: صبّ على فلان نعمة؛ أي:

ألقاها عليه. قال النابغة في مدح النعمان بن المنذر: [الطويل]

فصبّ عليه الله أحسن صنعه... وكان له بين البريّة ناصرا

{سَوْطَ عَذابٍ:} نوع عذاب. ويقال: شدة عذاب؛ لأن السوط كان عندهم نهاية ما يعذب به. قال الشاعر: [الطويل]

ألم تر أنّ الله أظهر دينه... وصبّ على الكفار سوط عذاب

وقال الفراء: هي كلمة تقولها العرب لكل نوع من أنواع العذاب. وأصل ذلك: أن السوط هو عذابهم الذي يعذبون به، فجرى لكل عذاب؛ إذ كان فيه عندهم غاية العذاب. فأهلكت عاد بالريح، وثمود بالصيحة، وفرعون بالغرق. قال تعالى: {فَكُلاًّ أَخَذْنا بِذَنْبِهِ}.

هذا؛ والسوط الذي يضرب به يكون من جلد، وغيره، والجمع: أسواط، وسياط، وساطه:

ضربه بالسوط. وقد استعير هذا لنوع من أنواع العذاب، كما هو واضح. والسوط: خلط الشيء بعضه ببعض.

{إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ} أي: يرصد أعمال العباد، فلا يفوته منها شيء؛ ليجازيهم بها يوم القيامة. ففيه استعارة تمثيلية: شبه كونه تعالى حافظا لأعمال العباد، مراقبا لها، ومجازيا على نقيرها، وقطميرها بحيث لا ينجو منه أحد بحال من قعد على الطرق مترصدا لمن يسلكها؛ ليأخذه، فيوقع به ما يريد، ثم أطلق لفظ أحدهما على الآخر. انتهى. نقلا من الشهاب. وانظر ما ذكرته في سورة (النبأ) رقم [٢١] تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

بعد هذا فخذ ما يلي: روى البغوي بإسناد الثعلبي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-أن فرعون-لعنه الله-إنما سمي ذا الأوتاد؛ لأنه كان عنده امرأة مؤمنة، وهي امرأة خازنه حزقيل، وكان مؤمنا كتم إيمانه مئة سنة-انظر سورة (غافر) رقم [٢٨] وما بعدها-وكانت امرأته

<<  <  ج: ص:  >  >>