للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عنهما-: تتشقق سماء الدنيا، فينزل أهلها، وهم أكثر ممن في الأرض من الجن، والإنس، ثم تشقق السماء الثانية، فينزل أهلها، وهم أكثر ممّن في سماء الدنيا، ثم كذلك؛ حتى تنشق السماء السابعة، وأهل كل سماء يزيدون على أهل السماء التي تليها، ثم ينزل الكروبيون، ثم حملة العرش، وإذا نزل ملائكة سماء الدنيا اصطفوا حول العالم المجموع في المحشر صفا، وإذا نزل ملائكة السماء الثانية اصطفوا خلف هذا الصف، وهكذا حتى تصير الصفوف سبعة، كلهم يحرسون أهل المحشر من الفرار، والهرب.

{وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ:} قال ابن مسعود، ومقاتل-رضي الله عنهما-: تقاد جهنم بسبعين ألف زمام، كل زمام بيد سبعين ألف ملك، لها تغيظ وزفير، حتى تنصب عن يسار العرش. وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كلّ زمام سبعون ألف ملك يجرّونها». وقال أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: لمّا نزلت {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} تغيّر لون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعرف في وجهه؛ حتى اشتدّ على أصحابه، ثم قال: «أقرأني جبريل: {كَلاّ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ»}. قال علي-رضي الله عنه-: قلت: يا رسول الله! كيف يجاء بها؟ قال: «يؤتى بها تقاد بسبعين ألف زمام، يقود كل زمام سبعون ألف ملك، فتشرد شردة، لو تركت؛ لأحرقت أهل الجمع، ثم تعرض لي جهنم، فتقول: مالي ومالك يا محمد! إن الله قد حرم لحمك علي؟ فلا يبقى أحد إلا قال: نفسي نفسي، إلا محمد صلّى الله عليه وسلّم، فإنه يقول: يا رب أمتي! يا رب أمتي!».

هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (الفرقان) رقم [١٢]: {إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً} انظر شرحها هناك تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. وانظر الآية رقم [٣٦] من سورة (النازعات). {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ} أي: الكافر، وما فرط فيه، ويتوب، ويتعظ. {وَأَنّى لَهُ الذِّكْرى} أي: ومن أين له منفعة الذكرى؟! فلا بد من تقدير المضاف المذكور، وإلا فبين {يَتَذَكَّرُ} وبين {لَهُ الذِّكْرى} تناف، وتناقض، والمعنى ومن أين يكون له الانتفاع بالذكرى؛ وقد فات أوانها؟

الإعراب: {وَجاءَ:} الواو: حرف عطف. (جاء): فعل ماض. {رَبُّكَ:} فاعله، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. وقد رأيت تقدير المضاف المحذوف في الشرح، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {دُكَّتِ..}. إلخ فهي في محل جر مثلها. {وَالْمَلَكُ:} معطوف على ما قبله. {صَفًّا صَفًّا:} حالان، أو حال مركبة بمعنى: مصطفين. {وَجِيءَ:} الواو: حرف عطف. (جيء): فعل ماض مبني للمجهول، {يَوْمَئِذٍ:} ظرف زمان متعلق بما قبله، و (إذ) ظرف مبني على السكون في محل جر بالإضافة، والتنوين عوض من جملة محذوفة، التقدير: يوم إذ تجيء. {بِجَهَنَّمَ:} متعلقان بالفعل: (جيء)

<<  <  ج: ص:  >  >>