{فَيَوْمَئِذٍ:} يوم القيامة. {لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ} أي: لا يعذب كعذاب الله أحد، فالضمير يعود إلى الله عز وجل، ومثله ما بعده، وهو قول ابن عباس، والحسن البصري-رضي الله عنهما-.
انتهى. قرطبي. وفي مختصر ابن كثير: أي: ليس أحد أشد عذابا من تعذيب الله من عصاه، وليس أحد أشد قبضا، ووثقا من الزبانية لمن كفر بربهم عز وجل، وهذا في حق المجرمين من الخلائق، والظالمين. هذا؛ ويقرأ بفتح الذال المشددة، وفتح الثاء، وعليه فالمعنى: لا يعذب أحد في الدنيا كعذاب الله الكافر يومئذ، ولا يوثق كما يوثق الكافر، والمراد: إبليس؛ لأن الدليل قام على أنه أشد الناس عذابا؛ لأجل إجرامه. فأطلق الكلام لأجل ما صحبه من التفسير.
وقيل: إنه أمية بن خلف. حكاه الفراء. يعني: أنه لا يعذب كعذاب هذا الكافر المعيّن أحد.
والعذاب بمعنى التعذيب. والوثاق بمعنى: الإيثاق، فهما اسما مصدر، مثل: عطاء في قول القطامي-وهو الشاهد [٥٣١] من كتابنا: «فتح رب البرية» -: [الوافر]
أكفرا بعد ردّ الموت عنّي... وبعد عطائك المئة الرّتاعا
هذا؛ والوثاق بفتح الواو، وكسرها: القيد، والحبل، ونحوه، والجمع: وثق، مثل: رباط، وربط. قال تعالى في سورة (محمد صلّى الله عليه وسلّم) رقم [٤]: {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ..}. إلخ.
هذا؛ وانظر شرح {أَحَداً} في الآية رقم [٢٦] من سورة (الجن)، وشرح {يَوْمَئِذٍ} في سورة (المدثر) رقم [٩].
الإعراب: {يَقُولُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى {الْإِنْسانُ}. {يا لَيْتَنِي:} (يا): حرف تنبيه وتحسر. وقيل: أداة نداء، والمنادى محذوف، التقدير: يا هؤلاء، والأول أقوى. (ليتني):
حرف مشبه بالفعل، والنون للوقاية، وياء المتكلم اسمها. {قَدَّمْتُ:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (ليت)، والجملة الاسمية في محل نصب مقول مقول، وجملة:
{يَقُولُ..}. إلخ بدل اشتمال من: {يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ،} أو هي مستأنفة استئنافا بيانيا وقعت جوابا عن سؤال نشأ منه، كأنه قيل: ماذا يقول عند تذكره؟ فقيل: يقول: يا ليتني عملت لأجل حياتي هذه. انتهى. جمل نقلا عن أبي السعود. {لِحَياتِي:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، وعلامة الجر كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء في محل جر بالإضافة.
{فَيَوْمَئِذٍ:} الفاء: حرف استئناف. (يومئذ): (يوم): ظرف زمان متعلق بما بعده، و (إذ) ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون، والتنوين عوض عن جملة محذوفة، التقدير: يوم إذ تقوم الساعة. {لا:} نافية. {يُعَذِّبُ:} فعل مضارع. {عَذابَهُ:} مفعول به، وعلى قراءة الفعل بالبناء للمجهول، فهو مفعول مطلق، وهو على حذف مضاف، التقدير: لا يعذب مثل تعذيبه،