للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا توفي الكافر أرسل الله إليه ملكين، وأرسل قطعة من بجاد؛ (أي: من كساء) أنتن من كل نتن، وأخشن من كل خشن، فيقال: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى جهنم، وعذاب أليم، وربك عليك غضبان). وانظر الآية رقم [٣٠] من سورة (فصلت).

{راضِيَةً مَرْضِيَّةً:} راضية بالثواب، مرضية عند الله، جامعة بين الوصفين، والمعنى قد رضيت عن الله، ورضي الله عنها، وأرضاها، مثل قوله تعالى في كثير من الآيات: {رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} وانظر النفس، ومراتبها في أول سورة (القيامة).

{فَادْخُلِي فِي عِبادِي} أي: انتظمي في سلكهم، أو مع عبادي، أو في زمرة المقربين. وفي الخازن، وغيره: أي: ادخلي في جملة عبادي الصالحين المصطفين، كما قال تعالى في سورة (العنكبوت) رقم [٩]: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصّالِحِينَ،} وفي سورة (النمل) رقم [١٩] قوله تعالى حكاية عن قول سليمان على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام:

{وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصّالِحِينَ}. {وَادْخُلِي جَنَّتِي} أي: معهم. هذا؛ وروى الحافظ ابن عساكر عن أبي أمامة-رضي الله عنه-أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لرجل: «قل: اللهم إني أسألك نفسا بك مطمئنة، تؤمن بلقائك، وترضى بقضائك، وتقنع بعطائك». هذا؛ وقال سعيد بن جبير -رضي الله عنه-: مات ابن عباس-رضي الله عنهما-بالطائف، فشهدت جنازته، فجاء طائر، لم ير على خلقه طائر قط، فدخل نعشه، ثم لم ير خارجا منه، فلما دفن، تليت هذه الآية على شفير القبر، لا يدرى من تلاها: {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) اِرْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي}. انتهى. خازن، وقرطبي، ونسفي. والله أعلم، وأجل، وأكرم.

الإعراب: {يا أَيَّتُهَا:} (يا): أداة نداء تنوب مناب: أدعو، أو أنادي. (أيتها): منادى نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب بأداة النداء، و (ها): حرف تنبيه لا محل له، أقحم للتوكيد، وهو عوض من المضاف إليه، ولا يجوز اعتبار الهاء ضميرا في محل جر بالإضافة؛ لأنه يجب حينئذ نصب المنادى. {النَّفْسُ:} بدل من (أيتها)، أو عطف بيان عليه، والجملة الندائية في محل نصب مقول القول لقول محذوف؛ أي: يقول الله لها. {الْمُطْمَئِنَّةُ:} صفة {النَّفْسُ}. {اِرْجِعِي:} فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بياء المؤنثة المخاطبة، والياء ضمير متصل في محل رفع فاعل. هذا هو الإعراب المتعارف عليه في مثل هذا الفعل، والإعراب الحقيقي أن تقول: مبني على السكون المقدر على آخره، منع من ظهوره اشتغال المحل بالكسرة التي جيء بها لمناسبة ياء المخاطبة، وقل مثله في: ارجعا، والمانع من ظهور السكون، الفتح الذي جيء به لمناسبة ألف الاثنين، وأيضا قولك: ارجعوا، والمانع من ظهور السكون الضم الذي جيء به لمناسبة واو الجماعة؛ التي هي فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول مثل الجملة الندائية قبلها. {إِلى رَبِّكِ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما،

<<  <  ج: ص:  >  >>