والهاء أقيس، والواو أعم تشبيها بالسنوات، وشافهته: كلمته من غير واسطة. قال السمين: ولا تجمع بالألف، والتاء استغناء بتكسيرها عن تصحيحها.
هذا؛ واللسان آلة النطق، كما هو معروف، ومعلوم، وقد أطلقه الله على القرآن بكامله، وذلك بقوله عز وجل:{وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} الآية رقم [١٠٣] من سورة (النحل)، كما أطلقه العرب على كلمة السوء، كما في قول الشاعر-وهو الشاهد رقم [٣٣٠] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [الوافر]
لسان السّوء تهديها إلينا... وحنت وما حسبتك أن تحينا
وأطلقه العرب على القصيدة من الشعر كما في قول الشاعر:[المتقارب]
أتتني لسان بني عامر... فجلّى أحاديثها عن بصر
وقد يجعل كناية عن الكلمة الواحدة، كما في قول الأعشى؛ وكان قد أتاه خبر مقتل أخيه المنتشر:[البسيط]
إنّي أتتني لسان لا أسرّ بها... من علو لا عجب منها ولا سخر
قال الجوهري: يروى: من علو بضم الواو، وفتحها، وكسرها. أي: أتاني خبر من أعلى، والتأنيث للكلمة، وقد أطلقه الله على القرآن بكامله كما رأيت. كما أطلقه على الثناء الجميل، والذكر الحسن في قوله جلت قدرته:{وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} الآية رقم [٥٠] من سورة (مريم) على نبينا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام.
هذا؛ واللسان من نعم الله العظيمة، ولطائف صنعه الغريبة، وله في الخير مجال، وفي الشر ميدان، ولا ينجو من شر اللسان إلا من قيده بلجام الشرع، فلا يطلقه إلا فيما ينفعه، ويكفه عن كل ما تخشى غائلته، وهو أعصى الأعضاء على الإنسان؛ لأنه لا تعب في إطلاقه، ولا مشقة في تحريكه. وقد تساهل الناس في الاحتراز على آفاته، والحذر من مصائده، وحبائله، لذلك حذرت الأحاديث الشريفة من شطحاته، وسقطاته؛ ليسلم للمسلم عرضه، وينجو من آثامه بدينه، فحذر الرسول صلّى الله عليه وسلّم من الثرثرة، والتشدق، وحث على الصمت، والتعقل؛ لأن اللسان ترجمان، يعبر عن مستودعات الضمائر، ويخبر عن مكنونات السرائر، لا يمكن استرجاع بوادره، ولا يقدر على ردّ شوارده، والأحاديث في ذلك كثيرة، أكتفي بما يلي:
قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم لمعاذ-رضي الله عنه-: «أنت سالم ما سكت، فإذا تكلّمت؛ فعليك، أو لك». وعن عقبة بن عامر-رضي الله عنه-قال: قلت: يا رسول الله! ما النجاة؟ قال: «أمسك