لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وقال تعالى في سورة (غافر) رقم [٧٨]: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}.
هذا؛ وقد ذكر في آيات (الأنعام) رقم [٨٣] وما بعدها ثمانية عشر رسولا بأسمائهم من غير ترتيب، لا بحسب الزمان، ولا بحسب الفضل؛ لأن الواو العاطفة لا تقتضي الترتيب، وبقي سبعة لم يذكروا في سورة (الأنعام)، وقد ذكروا في غيرها، وهم: إدريس، وشعيب، وصالح، وهود، وذو الكفل، وهو ابن أيوب؛ الذي ذكر في سورة (الأنبياء) وسورة (ص)، ومحمد صلى الله عليهم جميعا، وسلم. فهؤلاء الخمسة والعشرون رسولا هم الذين يجب الإيمان بهم، ومعرفتهم تفصيلا، وقد نظموا في قول بعضهم:[البسيط]
حتم على كلّ ذي التكليف معرفة... بأنبياء على التّفصيل قد علموا
في تلك حجّتنا منهم ثمانية... من بعد عشر، ويبقى سبعة وهمو
إدريس هود شعيب صالح وكذا... ذو الكفل آدم بالمختار قد ختموا
ويعني بقوله في (تلك حجتنا) آيات الأنعام المذكورة. وينبغي أن تعلم: أن هؤلاء الرسل ليسوا بدرجة واحدة من الفضل، بل أرفعهم درجة، وأعلاهم منزلة أولو العزم منهم، وهم خمسة: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد. وسيد الجميع وأفضل الخلق قاطبة محمد صلّى الله عليهم جميعا، وسلم تسليما، والأنبياء صلوات الله، وسلامه عليهم أجمعين تجوز عليهم الأعراض البشرية؛ لأنهم من البشر، فهم يأكلون، ويشربون، ويصحّون، ويمرضوان، وينكحون النساء، ويمشون في الأسواق، وتعتريهم الأعراض البشرية، من ضعف وشيخوخة وموت، إلا أنهم يمتازون بخصائص، ويتصفون بصفات عظيمة جليلة. هي بالنسبة لهم من ألزم اللوازم، وهي ما يلي: الصدق، والأمانة، والتبليغ والفطانة، والعصمة من المعاصي قبل النبوة، وبعدها، والسلامة من العيوب المنفرة... تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
انتهت سورة (الشمس) شرحا، وإعرابا بعون الله وتوفيقه.