للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضعا: {ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ} {ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما قَدْ سَلَفَ} {وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاّ ما ذَكَّيْتُمْ} {وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي} {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} إلا موضعي: (هود) من قوله تعالى: {خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاّ ما شاءَ رَبُّكَ} فهي فيهما مصدرية {فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاّ قَلِيلاً} {يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاّ قَلِيلاً مِمّا تُحْصِنُونَ} {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ} {وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ} حيث كان. قاله في الإتقان. انتهى. كرخي نقله الجمل.

أقول: اعتبار هذا ضابطا يجب اتباعه غير مسلّم؛ لأن بعض الآيات التي ذكرها، واعتبر فيها (ما) موصولة فقط تحتمل الموصولة، والموصوفة، ولأن بعضها تحتمل فيه (ما) الموصولة، والموصوفة، والمصدرية. والحق: أن مدار ذلك على المعنى. وهذا ما اتبعته فيما تقدم من الإعراب، ولا أتخلّى عنه في حياتي، والله الموفق، والمعين، وبه أستعين.

تنبيه: الأصل أن تكون (من) للعاقل، و (ما) لغير العاقل، وقد يعكس هذا، فتستعمل (من) لغير العاقل، كما في قوله تعالى: {وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ} الآية رقم [٤٥] من سورة (النور)، وتستعمل (ما) للعاقل، كما في قوله تعالى: {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ} رقم [٣] من سورة (النساء) وهذا من باب التقارض، وذلك قليل، وأكثر ما تكون (ما) للعاقل إذا اقترن العاقل بغير العاقل في حكم واحد، كما في الآية الكريمة، وقوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} فإن كل من في السموات، والأرض ممن يعقل، وما لا يعقل قد اقترنا في حكم واحد، وهو السجود، والتسبيح لله، كما قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} ويكون في الكلام تغليب، كما تستعمل في المبهم أمره، كقولك، وقد رأيت شبحا من بعد: انظر إلى ما أرى، ومن، وما تكونان بلفظ واحد للمفرد، والمثنى، والجمع، والمذكر، والمؤنث.

ملخص ما تقدم أن (من) تستعمل لغير العاقل في ثلاث مسائل:

١ - أن ينزل غير العاقل منزلة العاقل، وذلك كقوله تعالى في سورة (الأحقاف) رقم [٥]:

{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ} فدعاء الأصنام التي لا تستجيب الدعاء نزلها منزلة العاقل؛ إذ لا ينادى إلا العقلاء. وخذ قول العباس بن الأحنف-وهو الشاهد رقم [٨٦] من كتابنا: «فتح رب البرية» -: [الطويل]

بكيت على سرب القطا إذ مررن بي... فقلت ومثلي بالبكاء جدير

أسرب القطا هل من يعير جناحه؟ ... لعلّي إلى من قد هويت أطير

وأيضا قول امرئ القيس-وهو الشاهد رقم [٨٥] من كتابنا: «فتح رب البرية»، والشاهد رقم [٣٠٨] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>